وسط حالة من الغموض والتكهنات، وقبل يومين من إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025، تتجه الأنظار إلى العاصمة النرويجية أوسلو، حيث استبعد البعض من أن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بين الأسماء المرشحة بقوة للجائزة، رغم إصراره على أنه يستحقها لما يصفه بـ”مساهماته في إحلال السلام”.
وتستعد لجنة نوبل النرويجية للإعلان عن الفائز يوم الجمعة المقبل، في وقت يصف فيه مراقبون الأجواء المحيطة بالجائزة بأنها «الأكثر قتامة منذ عقود»، نظرًا لتصاعد عدد النزاعات المسلحة حول العالم إلى مستويات قياسية لم تُسجل منذ الحرب العالمية الثانية.
سياسات ترامب ومباديء الجائزة
ورغم أن ترامب يرى نفسه «صانع سلام» بعد مبادراته الأخيرة في الشرق الأوسط وخاصة في ملف غزة، إلا أن خبراء في العلاقات الدولية يؤكدون أن سياساته المتقلبة لا تتسق مع مبادئ الجائزة، التي تقوم على تعزيز التعاون الدولي ونزع السلاح واحترام القيم الإنسانية.
الأكاديمي السويدي بيتر فالنستين، المتخصص في قضايا السلام، يرى أن «احتمال فوز ترامب هذا العام مستبعد تمامًا»، مرجحًا أن تتضح نتائج مبادراته السياسية لاحقًا.
من جانبها، تشير نينا غرايغر، مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو، إلى أن «النهج الأمريكي الحالي يتناقض مع روح وصية نوبل، التي تدعو إلى الأخوة بين الشعوب».
ويواجه ترامب قائمة طويلة من الانتقادات، أبرزها انسحابه من اتفاقيات دولية، وتصعيده للحروب التجارية مع الحلفاء، فضلاً عن مواقفه المثيرة للجدل تجاه حرية التعبير وحقوق الإنسان.
ويرى محللون، أن هذه السياسات تُضعف صورته كمرشح محتمل لجائزة ترتبط بالسلام العالمي.
التحقيق في خدمة السلام
رئيس لجنة نوبل، يورغن واتن فريدنس، أكد أن التقييم لا يقوم على الوعود أو التصريحات، بل على ما تم تحقيقه فعلاً في خدمة السلام، موضحًا أن اللجنة «تنظر إلى الصورة الكاملة لما قدمه المرشح من إنجازات ملموسة».
وتضم قائمة الترشيحات 338 شخصية ومنظمة من حول العالم، لكن اللجنة تحتفظ بأسمائهم سرًا لمدة خمسين عامًا. ومن بين الأسماء التي تتداولها الأوساط البحثية والإعلامية: شبكة «غرف الطوارئ» السودانية، والناشطة الروسية يوليا نافالنايا، ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
ويتوقع بعض الخبراء أن تميل اللجنة إلى اختيار فائز «غير مثير للجدل»، يعكس القيم التقليدية للجائزة مثل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة.
كما تُطرح أسماء أممية بارزة مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أو وكالات إنسانية كالأونروا ومفوضية اللاجئين، باعتبارها جهات جسدت مفهوم العمل الجماعي من أجل السلام، في وقت يواجه فيه النظام الدولي تحديات غير مسبوقة.
ومع اقتراب الموعد الحاسم، يبدو أن نوبل للسلام هذا العام ستكون انعكاسًا لمعادلة دقيقة بين السياسة والمبادئ، في عالم تزداد فيه الصراعات وتتعقد فيه طرق الوصول إلى سلام حقيقي.