كشفت صحيفة واشنطن بوست أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضعت أربعة شروط صارمة أمام إيران لتكون أساساً لأي مفاوضات مقبلة تتعلق ببرنامجها النووي.
وحسب مسؤول أميركي، فإن هذه الشروط تتمثل في: إجراء مفاوضات مباشرة، وقف تخصيب المواد النووية، تقليص برنامج الصواريخ الباليستية، والتوقف عن تمويل الجماعات المسلحة ووكلاء إيران في الشرق الأوسط.
ويرى مراقبون أن هذه النقاط تمثل جوهر الخلاف التاريخي بين واشنطن وطهران، وهو ما يجعل فرص القبول الإيراني شبه معدومة في المرحلة الراهنة.
تصعيد اقتصادي للضغط السياسي
إعادة فرض العقوبات عبر آلية “سناب باك” في الأمم المتحدة شكّل محوراً أساسياً في الاستراتيجية الأميركية، إذ ترى الإدارة الأميركية أن العقوبات ليست غاية بحد ذاتها، بل أداة لتشكيل بيئة تدفع إيران إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
هذه العقوبات شملت حظر الأسلحة التقليدية وتجميد الأصول، فضلاً عن قيود مشددة على تخصيب اليورانيوم وبرنامج الصواريخ. ومع الانكماش الاقتصادي الحاد وهبوط العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية، يجد النظام الإيراني نفسه أمام مأزق داخلي متفاقم يزيد من الضغوط الشعبية.
مخاوف من مواجهة عسكرية
في الوقت الذي تراهن فيه واشنطن على العقوبات كأداة ردع، يحذر خبراء من أن استمرار الجمود قد يدفع نحو مواجهة عسكرية مفتوحة. ونقلت واشنطن بوست عن والي نصر، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز، أن غياب المفاوضات يزيد احتمالية التصعيد مع إسرائيل، في وقت تواصل فيه تل أبيب التأكيد على احتفاظها بحق ضرب المنشآت النووية الإيرانية إذا شعرت بخطر وشيك.
والهجمات الأخيرة المتبادلة بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي، والتي تبعتها ضربات أميركية محدودة على مواقع نووية إيرانية، تعكس خطورة المرحلة وإمكانية انزلاق المنطقة نحو “صراع منخفض الشدة” يستنزف جميع الأطراف.
الموقف الأوروبي: الباب ما زال مفتوحاً
على الضفة الأخرى، يحاول الاتحاد الأوروبي التمسك بمسار دبلوماسي رغم الضغوط الأميركية. فقد عبّر مسؤولون أوروبيون عن قلقهم من أن إعادة فرض العقوبات قد تعقّد فرص العودة إلى طاولة الحوار، مشددين على أن الحل العسكري ليس مطروحاً.
لكن التباين بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين لا يلغي حقيقة أن هناك إجماعاً على ضرورة منع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية، وهو ما يجعل الحوار، رغم تعقيداته، الخيار الأقل تكلفة.
إيران بين خطاب التحدي وضغوط الداخل
إيران، من جانبها، ترفض الشروط الأميركية وتعتبرها محاولة “لتركيعها سياسياً”. وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن “جدار عدم الثقة مع الولايات المتحدة ما زال مرتفعاً”، في إشارة إلى أن أي عودة للمفاوضات تتطلب ضمانات غير متوافرة حالياً.
في الداخل، يعاني الاقتصاد الإيراني من تدهور حاد مع ارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. ورغم خطاب التحدي الذي يكرره المسؤولون، تبقى الأوضاع الداخلية عاملاً ضاغطاً قد يدفع طهران في نهاية المطاف إلى البحث عن مخرج تفاوضي.
في ظل هذه التطورات، يبقى المشهد مفتوحاً على عدة احتمالات: استمرار الضغوط الاقتصادية حتى ترضخ إيران لشروط واشنطن، الانزلاق نحو صراع عسكري محدود خاصة مع إسرائيل، أو إيجاد صيغة وسطية برعاية دولية.
غير أن المؤكد أن المفاوضات المقبلة، إن حدثت، ستكون من أصعب الجولات، حيث يقف كل طرف على خطوط حمراء لا يبدو مستعداً للتنازل عنها بسهولة.