أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في اليمن عن إحباط محاولة تهريب شحنة طابعات حديثة مخصّصة لطباعة العملة، كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين. العملية جرت، بحسب البيان، استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة وبالتنسيق مع مصلحة الجمارك في ميناء الحاويات بعدن.
المضبوطات أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط المالية، إذ أشارت التحقيقات الأولية إلى أن الجماعة كانت تعتزم استخدامها لطباعة أوراق نقدية محلية بشكل غير قانوني، ما يفتح باباً جديداً من أبواب الحرب التي تخوضها الجماعة ضد الاقتصاد اليمني.
تفاصيل العملية والتنسيق الأمني
وفقاً للبيان، فقد أشرف رئيس جهاز مكافحة الإرهاب اللواء الركن شلال علي شايع على عملية الرصد والتتبع، قبل أن يتم إبلاغ البنك المركزي اليمني بالواقعة. محافظ البنك أحمد غالب المعبقي سارع بدوره إلى توجيه بلاغ رسمي للنائب العام القاضي قاهر مصطفى، للتحفظ على الطابعات لحين فحصها من قبل خبراء مختصين.
هذا التنسيق بين المؤسسات الأمنية والمالية يعكس حجم المخاطر التي كان يمكن أن تترتب على دخول هذه الطابعات إلى مناطق سيطرة الحوثيين، خاصة في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي وتدهور العملة المحلية.
وجه خفي للحرب الاقتصادية
محاولة تهريب الطابعات ليست حادثة معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة من التحركات التي تكشف جانباً آخر من استراتيجية الحوثيين في مواجهة الحكومة اليمنية والتحالف الدولي.
الجماعة، التي خسرت كثيراً من مواردها التقليدية، تسعى ـ وفق خبراء ـ إلى ضرب استقرار العملة الوطنية عبر طباعة أوراق نقدية غير مغطاة بالاحتياطيات المالية.
هذا النهج يهدد بإغراق السوق اليمني بعملات مزيفة، ما قد يؤدي إلى تسارع معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ويزيد من حدة الأزمة المعيشية التي يواجهها ملايين اليمنيين.
الحوثيون واستراتيجية ضرب المؤسسات
منذ بداية الحرب، ركز الحوثيون على السيطرة على المؤسسات الاقتصادية والمصرفية كوسيلة لتعزيز نفوذهم. ويشير مراقبون إلى أن الجماعة لا تكتفي بتحصيل الضرائب والجبايات في مناطق سيطرتها، بل تسعى أيضاً إلى بناء منظومة مالية موازية تمنحها القدرة على الالتفاف على العقوبات الدولية والتحكم في موارد السكان.
ضبط شحنة الطابعات يعيد إلى الواجهة هذه الاستراتيجية التي تسعى إلى إضعاف البنك المركزي اليمني وخلق حالة من الازدواج المالي تعرقل أي محاولات لإعادة الاستقرار النقدي في البلاد.
تحذيرات من تداعيات خطيرة
الواقعة أثارت تحذيرات من خبراء اقتصاديين بشأن مخاطر استمرار مثل هذه المحاولات، فطباعة عملة خارج الإطار الرسمي لا تعني فقط ضرب ثقة المواطنين بالعملة الوطنية، بل قد تؤدي إلى انهيار كامل للنظام النقدي، خاصة مع غياب الاحتياطات الكافية لدعم الريال اليمني.
كما أن هذه الممارسات تضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الأزمة الإنسانية، حيث يواجه اليمنيون أصلاً واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم، ويفتقر أكثر من 20 مليون شخص إلى الأمن الغذائي.
حرب مفتوحة على كل الجبهات
إحباط شحنة الطابعات يأتي بعد سلسلة من عمليات التهريب التي استهدفت مناطق مختلفة من اليمن، منها شحنات أسلحة وقطع طائرات مسيّرة، في دلالة على استمرار الحوثيين في خوض حرب متعددة الأوجه: عسكرية، اقتصادية، وإعلامية.
وبينما تستمر التحقيقات لتحديد الأطراف المتورطة في محاولة التهريب الأخيرة، يبقى واضحاً أن الجماعة تعمل على استخدام كل الوسائل الممكنة لإدامة الصراع، ولو كان ذلك على حساب قوت اليمنيين واستقرارهم الاقتصادي.