شهدت السواحل الشرقية للبحر المتوسط توتراً متصاعداً بعدما اعترض الجيش الإسرائيلي عدداً من سفن “أسطول الصمود العالمي” المتجهة إلى غزة، واحتجز عشرات الناشطين، بينهم الناشطة السويدية الشهيرة في مجال المناخ غريتا ثونبرغ.
وأفادت تقارير بأن أكثر من 12 سفينة تعرضت للاحتجاز، بينما واصل نحو 30 قاربا الإبحار على بُعد قرابة 46 ميلاً بحرياً من شواطئ القطاع.
هجوم “غير قانوني” أم “تطبيق للسيادة”؟
وصف منظمو الأسطول ما جرى بأنه “هجوم غير قانوني” استهدف متطوعين إنسانيين يسعون لإيصال مساعدات عاجلة من غذاء ودواء إلى غزة، معتبرين أن ما جرى يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
في المقابل، ردت إسرائيل مؤكدة أن النشطاء لم يكن هدفهم الحقيقي تقديم المساعدات بل “الاستفزاز”، مشيرة إلى أن جميع السفن تم اعتراضها “بأمان” ونُقل ركابها إلى موانئ إسرائيلية.
تفاصيل عملية الاعتراض
بحسب رواية المنظمين، جرى صعود القوات الإسرائيلية إلى بعض السفن على بُعد نحو 70 ميلاً بحرياً من غزة، وتعرضت إحدى السفن لاصطدام متعمد، فيما أُطلقت مدافع المياه على سفينتين أخريين.
ونشر “أسطول الصمود” مقاطع فيديو توثق لحظة استهداف السفينة “يولارا”، بينما نفت تل أبيب وقوع إصابات، مؤكدة أن الناشطين، ومن بينهم ثونبرغ، بخير.
المشاركون في القافلة
تكوَّن الأسطول من أكثر من 500 ناشط من عشرات الدول، بينهم مشرعون من أوروبا، إلى جانب شخصيات بارزة في العمل الإنساني.
وانطلق من برشلونة في نهاية أغسطس الماضي، قبل أن تنضم إليه سفن من موانئ أخرى في البحر المتوسط. وكان هدفه المعلن “كسر الحصار البحري المفروض منذ 18 عاماً على غزة، ونقل المساعدات مباشرة إلى المدنيين داخل القطاع”.
خلفية إنسانية ضاغطة
يأتي تحرك الأسطول في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة داخل غزة، حيث يواجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والدواء.
وتشير تقارير أممية حديثة إلى أن بعض المناطق تعاني بالفعل من مجاعة “من صنع الإنسان”، نتيجة القيود المفروضة على إدخال المساعدات. هذه الظروف دفعت ناشطين دوليين إلى تصعيد محاولاتهم لإيصال الدعم عبر البحر، رغم المخاطر المتزايدة.
ردود فعل غاضبة
أثار المشهد ردود فعل واسعة حول العالم، حيث خرجت احتجاجات في إيطاليا وتركيا واليونان وتونس والأرجنتين دعماً للأسطول وتنديداً بما اعتُبر “قرصنة إسرائيلية”.
ووصل الغضب إلى مستوى دبلوماسي بعدما وصف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ما جرى بأنه “جريمة دولية”، معلناً طرد البعثة الإسرائيلية من بلاده.
من جانبها، أدانت تركيا الاعتراض واعتبرته “عملاً إرهابياً”، فيما دعت فرنسا وإيطاليا إلى ضمان سلامة المشاركين وإنهاء الأزمة دون عنف.
الموقف الإسرائيلي
أصرت إسرائيل على أن الحصار البحري “قانوني” ويهدف إلى منع تهريب الأسلحة إلى غزة، مؤكدة أنها عرضت مراراً إدخال المساعدات عبر موانئها الخاضعة للرقابة.
غير أن منظمي “أسطول الصمود” رفضوا هذا الطرح، معتبرين أن إيصال المساعدات مباشرة إلى غزة يحمل بُعداً إنسانياً ورمزياً لا يمكن التنازل عنه.
بين الماضي والحاضر
ليست هذه المرة الأولى التي تُعترض فيها قوافل بحرية متجهة إلى غزة. ففي عام 2010، شهد العالم حادثة دموية حين هاجمت القوات الإسرائيلية “أسطول الحرية”، ما أسفر عن مقتل 9 ناشطين أتراك، وهو ما ترك أثراً عميقاً في الذاكرة الدولية.
واليوم، يعود المشهد ذاته بصورة مختلفة لكن بأبعاد إنسانية وسياسية متشابكة، تعكس استمرار معضلة الحصار وتداعياته الإقليمية والدولية.