يمر حزب الله بمرحلة هي الأكثر تعقيدًا منذ تأسيسه عام 1982، إذ يواجه حالة من الإرباك الداخلي وصراع الأجنحة الذي خرج من دائرة الكتمان إلى العلن.
مع غياب قيادات تاريخية عن المشهد وتراجع الدور العسكري للتنظيم، برزت بوادر انقسامات داخلية انعكست على قرارات حزبية حساسة أثارت جدلًا واسعًا داخل البيئة المؤيدة له.
تصدعات في البنية التنظيمية
التغييرات الإدارية التي طالت بعض المواقع القيادية في الآونة الأخيرة لم تقرأ فقط كجزء من إعادة هيكلة عادية، بل اعتُبرت مؤشرًا على عمق الخلافات الداخلية.
القرارات التي بدت مفاجئة لبعض الكوادر أظهرت أن الحزب يمر بحالة عدم انسجام بين أجنحته السياسية والأمنية، وسط تنافس على النفوذ وإدارة الملفات الحيوية.
وحدة الارتباط والتنسيق في دائرة الجدل
من بين أبرز الوحدات التي دخلت دائرة النقاش الداخلي، برزت وحدة التنسيق والارتباط، الجهاز الأمني المسؤول عن إدارة العلاقات مع المؤسسات الرسمية اللبنانية.
هذه الوحدة، التي مثّلت لعقود ذراع الحزب الحيوية في التواصل مع الدولة، تواجه اليوم ضغوطًا غير مسبوقة وسط حديث عن مراجعة دورها وربما إعادة هيكلتها بالكامل.
أي خطوة من هذا النوع قد تُفسَّر على أنها تراجع في قدرة الحزب على التحكم بالمسار الأمني، وهو ما يجعله أمام تحدٍّ بالغ الحساسية.
إعادة تموضع قيادي
التحولات الأخيرة أفرزت أيضًا وجوهًا سياسية جديدة تحاول ملء الفراغ الناجم عن غياب بعض القيادات البارزة.
ومع بروز أسماء برلمانية وقيادات من أجنحة ذات خلفية سياسية، بدا أن الحزب يتجه إلى إعادة توزيع مراكز القوة بين من يتمسكون بالنهج الأمني التقليدي، وبين من يدفعون نحو خطاب أكثر مرونة مع الداخل اللبناني، هذا الصراع على طبيعة الدور يعكس أزمة هوية يعيشها الحزب في خضم التطورات الإقليمية والداخلية.
تراجع أدوات النفوذ
من المؤشرات اللافتة في هذه المرحلة، توقف العمل ببعض الامتيازات الأمنية التي كانت تمنح كوادر الحزب نفوذًا واسعًا داخل مؤسسات الدولة، مثل بطاقات التسهيل الخاصة المرتبطة بالوحدة الأمنية.
هذا التوقف لم يكن مجرد إجراء إداري بل يحمل دلالات سياسية وأمنية، إذ يعني تراجعًا في مستوى التنسيق الذي اعتاد الحزب على فرضه لعقود.
أزمة بين الداخل والخارج
الانقسام الداخلي لا يمكن فصله عن الضغوط الإقليمية والدولية التي تحاصر الحزب منذ أشهر، فالقرارات الحكومية اللبنانية الداعية إلى ضبط السلاح، والضربات الإسرائيلية المتصاعدة في الجنوب، إضافة إلى المتغيرات الإقليمية، كلها عوامل وضعت الحزب أمام استحقاق إعادة تعريف دوره.
وفي ظل هذه الضغوط، تتفاقم الانقسامات بين جناح يريد التشدد في مواجهة الدولة والمجتمع الدولي، وآخر يفضّل خيار الانفتاح النسبي لتخفيف الضغط.