دخل التوتر بين طهران وتل أبيب مرحلة جديدة بعد إعلان الاستخبارات الإيرانية امتلاكها ما وصفته بملفات حساسة حصلت عليها من داخل أرشيف جهاز الموساد.
الملفات، التي وصفتها إيران بأنها “كنز معلومات”، لا تقتصر على تفاصيل متعلقة بالخبراء النوويين والعسكريين الإسرائيليين، بل تتضمن أيضًا صورًا وبيانات خاصة بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، في خطوة تضيف بعدًا أكثر تعقيدًا إلى المشهد النووي المتأزم أصلًا.
استهداف مباشر للوكالة الدولية
إبراز صور غروسي وعائلته اعتبر رسالة سياسية أكثر منه كشفًا معلوماتيًا، فإيران تسعى عبر هذا الإعلان إلى الإيحاء بأن إسرائيل لم تكن تراقب برنامجها النووي فقط، بل وضعت الوكالة الدولية ذاتها تحت عين المراقبة.
وهذا التطور يعكس رغبة طهران في تحويل الأنظار نحو ممارسات تل أبيب، متهمة إياها بالعمل على تسييس الوكالة والتأثير في قراراتها.
قائمة خبراء ومشاريع حساسة
التقارير التي خرجت من طهران تحدثت عن قائمة تضم أكثر من مئة خبير إسرائيلي في المجالات النووية والعسكرية، مع تفاصيل دقيقة عن مواقع عملهم وعلاقاتهم الوظيفية.
كما أشارت المعلومات إلى مشاريع بحثية وعسكرية ذات طبيعة مزدوجة الاستخدام، ما يعزز الانطباع بأن الوثائق ليست مجرد بيانات عامة بل تحمل طابعًا استراتيجيًا يمكن أن يستغل في المواجهة المستمرة بين الطرفين.
انعكاسات على الأمن الإقليمي
تسريب مثل هذه المعلومات يضع الأمن الإسرائيلي في دائرة الشكوك، فالكشف عن مواقع عسكرية حساسة، إذا ثبتت دقته، يفتح الباب أمام استهدافات مستقبلية في حال تصاعدت المواجهة.
في المقابل، تحاول إيران من خلال هذا الإعلان أن تؤكد امتلاكها اليد العليا في الحرب الاستخباراتية، وأنها قادرة على الوصول إلى عمق المؤسسات الأمنية والعلمية الإسرائيلية.
البعد السياسي للرسالة
الجانب السياسي في الإعلان لا يقل أهمية عن الجانب الاستخباراتي، فإيران تربط بين ما تصفه بتجسس إسرائيل على غروسي وبين حالة الانحياز داخل الوكالة الدولية، محاولةً بذلك تقويض مصداقية المؤسسة الأممية.
تأتي هذه الخطوة في وقت تمر فيه المفاوضات النووية بين إيران والوكالة بمرحلة “شديدة التعقيد”، ما يمنح طهران ورقة ضغط إضافية على طاولة التفاوض.
إسرائيل في موقع الدفاع
بالنسبة لإسرائيل، فإن أي اعتراف ضمني بصحة هذه الوثائق يعني اهتزاز صورة أجهزتها الأمنية التي طالما روجت لقدرتها على اختراق خصومها.
لكن الصمت أو التجاهل قد يفتح المجال أمام إيران لتعزيز روايتها في الإعلام الدولي، وهو ما يضع تل أبيب في معادلة صعبة بين النفي الصريح أو الاكتفاء بالتقليل من شأن التسريبات.
وإعلان إيران لا يقرأ باعتباره حدثًا عابرًا، بل خطوة في سياق صراع طويل الأمد على الشرعية والمصداقية، فإذا كان الهدف المباشر هو إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي، فإن الهدف الأعمق يتمثل في تعزيز الموقف الإيراني في أي مفاوضات قادمة مع الوكالة الدولية أو القوى الكبرى.