ذات صلة

جمع

السطو العقاري للحوثيين.. اقتصاد موازي يهدد مستقبل الملكية في صنعاء

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء، ومعها عدد من المحافظات الواقعة...

اعتراض صاروخ من اليمن.. هل يتسع الصراع ليشمل البحر الأحمر؟

أعاد اعتراض صاروخ أطلقته مليشيات الحوثي من اليمن باتجاه...

إزالة كاميرات المراقبة في الحديدة.. خوف حوثي أم سياسة ممنهجة لعزل المجتمع؟

لم تكن حملة الحوثيين الأخيرة لإزالة كاميرات المراقبة في...

“سوريا الجديدة”.. بين طموحات القيادة وتحديات الواقع

في منعطف دقيق من تاريخها الحديث، تحاول سوريا أن...

السطو العقاري للحوثيين.. اقتصاد موازي يهدد مستقبل الملكية في صنعاء

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء، ومعها عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، موجة غير مسبوقة من السطو على أراضي الأوقاف والممتلكات العامة والخاصة.

وما كان يُفترض أن يكون وقفًا لصالح الفقراء والتعليم والخدمات الاجتماعية، تحول إلى مشاريع تجارية ضخمة تديرها قيادات حوثية بشكل مباشر، ما يعكس تأسيس اقتصاد موازٍ منفصل عن مؤسسات الدولة الشرعية.

سياسة تهجير قسرية تحت غطاء الاستثمار

في شوارع رئيسية مثل الزبيري والستين وسعوان، أقدمت المليشيات على طرد أسر مقيمة منذ عقود في منازل مستأجرة من الأوقاف، بحجة تطويرها أو استثمارها.

الأسر المهددة لم تحصل على أي تعويضات، بل وجدت نفسها فجأة في العراء بعد إلقاء أثاثها في الطرقات، المشهد لم يتوقف عند حدود السكن، بل شمل محال تجارية ومباني قديمة تم هدمها لإفساح المجال أمام أبراج حديثة ومراكز تجارية تعود أرباحها لشركاء من قيادات المليشيات.

هيمنة مؤسسية مقنّعة

أحد أبرز مظاهر هذا السطو يتمثل في تحويل مكتب الأوقاف بصنعاء إلى واجهة لشرعنة عمليات الاستحواذ، إذ جرى تسجيل مساحات واسعة بأسماء قيادات حوثية أو مقربين منهم عبر عقود استثمار صورية، في وقت يجري فيه تغييب الدور الحقيقي للأوقاف باعتبارها مؤسسة دينية واجتماعية.

وهذه الممارسات لا تهدد فقط حقوق المستأجرين، بل تمثل انحرافًا خطيرًا عن القيم الوقفية التي رُسخت لعقود.

استثمارات بعوائد مغلقة

الأراضي المستولى عليها تحولت إلى مشاريع بملايين الدولارات، بينها أبراج سكنية، مراكز تجارية، وأسواق حديثة، ما أوجد شبكة مالية مغلقة داخل الجماعة.

والعوائد المتدفقة من هذه المشاريع لا تدخل ميزانية الدولة أو صناديق الأوقاف، بل تصب في تمويل أنشطة المليشيات العسكرية، وتعزيز ثراء قياداتها على حساب المواطنين البسطاء. بهذه الطريقة، تبني الجماعة اقتصادًا موازيًا يكرّس نفوذها، ويقوّض فكرة الدولة المركزية.

تداعيات اجتماعية واقتصادية

انعكست هذه السياسات على المجتمع المحلي بشكل مباشر. مئات الأسر التي كانت تعتمد على الأوقاف في السكن بأسعار مناسبة وجدت نفسها مشردة، فيما فقد آلاف آخرون فرص العمل بعد إغلاق أو هدم محال تجارية صغيرة لصالح استثمارات جديدة.

هذا التغيير المفاجئ في البنية العقارية لصنعاء يهدد النسيج الاجتماعي، ويزيد من الفجوة الطبقية بين طبقة ثرية جديدة مرتبطة بالحوثيين، وغالبية فقيرة تفتقد أبسط مقومات الاستقرار.

مستقبل الملكية في مهب الريح

الأخطر من كل ذلك هو ما يتركه هذا المسار من تداعيات على مستقبل الملكية في اليمن، فمع غياب سلطة قضائية مستقلة وفرض المليشيات هيمنتها على مؤسسات الدولة، تبدو حقوق الملكية عرضة للانتهاك المستمر. مما يضعف ثقة المواطنين في أي نظام قانوني مستقبلي، ويزرع بذور نزاعات عقارية قد تستمر لعقود حتى بعد انتهاء الحرب.

اقتصاد حرب لا يعرف التوقف

تؤكد الوقائع، أن مليشيات الحوثي تتعامل مع ملف العقارات كجزء من اقتصاد الحرب، حيث تتحول الأراضي والممتلكات إلى مصدر رئيسي لتمويل الجبهات، بدلاً من كونها موارد عامة لصالح المجتمع.

ومع استمرار هذا النمط، يتضح أن مستقبل اليمنيين، خصوصًا في صنعاء والمناطق الواقعة تحت السيطرة الحوثية، يتجه نحو مزيد من التدهور، في ظل غياب أي أفق حقيقي لاستعادة التوازن بين حقوق الأفراد ومتطلبات الدولة.