تُواجه ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن واحدة من أصعب أزماتها المالية منذ اندلاع الحرب، بعد أن اتسعت دائرة العقوبات الدولية لتطال شبكات مصرفية في العراق ولبنان كانت تمثل شرايين رئيسة لتغذية أنشطتها العسكرية والاقتصادية، مع تزايد الضغوط الأمريكية والدولية، تبدو الجماعة أمام مرحلة “الانكشاف المالي” الذي قد يغير معادلات الصراع.
العراق في قلب العاصفة
حيث في بغداد، وجدت الحكومة العراقية نفسها أمام اتهامات مباشرة بتورط مصرف “الرافدين” – أقدم وأكبر البنوك الحكومية – في تسهيل تحويلات مالية لصالح الحوثيين عبر فرعه في صنعاء.
التقارير الإعلامية، مدعومة بتسريبات دولية، كشفت أن النظام الإيراني استغل النظام المالي العراقي كمنصة لتمويل وكلائه الإقليميين، وفي مقدمتهم الحوثيون.
ورغم نفي الحكومة العراقية والسفارة في واشنطن هذه الاتهامات، سارعت وزارة الخزانة الأمريكية إلى مطالبة بغداد بالتحقيق العاجل ونقل فرع المصرف من صنعاء إلى عدن، الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
خطوة كهذه تعكس حجم القلق الدولي من تحول القطاع المصرفي العراقي إلى ثغرة خطيرة في منظومة العقوبات المفروضة على إيران وحلفائها.
الحكومة العراقية بدورها أمرت بفتح تحقيق داخلي موسع، بمشاركة البنك المركزي العراقي، للتدقيق في التحويلات السابقة، وسط تحذيرات من الكونغرس الأمريكي بوقف التمويل المخصص لبغداد إذا لم تتم معالجة الملف بجدية.
ضربة موجعة في لبنان
في بيروت، خسر الحوثيون إحدى أبرز قنواتهم المالية بعد استهداف مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لحزب الله اللبناني، والتي كانت تستخدم كذراع مصرفية غير رسمية لتخزين استثمارات الجماعة وودائع بملايين الدولارات.
وبحسب تقارير اقتصادية، فإن الإجراءات العقابية المفروضة على المؤسسة، بالتوازي مع الضربات الإسرائيلية الأخيرة، أدت إلى تآكل جزء كبير من استثمارات الحوثيين.
اعتبر خبراء أن ما جرى يمثل “انكشافًا ماليًا غير مسبوق” للجماعة، خاصة مع محدودية البدائل في ظل تشديد الرقابة الدولية على حركة الأموال المرتبطة بمحور إيران.
تهديدات وعزلة محتملة
التحركات الأمريكية لم تقتصر على العقوبات المباشرة، بل شملت أيضًا تهديدات بفرض عزلة مالية على العراق إذا ثبت تورط مؤسساته المصرفية في تمويل الجماعات المسلحة.
خبراء ماليون أكدوا أن “سمعة العراق المالية على المحك”، وأن أي تهاون في هذا الملف قد يعرّض البنوك الحكومية لعزلة دولية خطيرة، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد العراقي ككل.
في المقابل، يرى مراقبون أن استهداف مؤسسة “القرض الحسن” في لبنان أنهى واحدة من أهم قنوات التمويل الخارجي للحوثيين، وهو ما قد يدفع الجماعة للاعتماد أكثر على السوق السوداء والتحويلات غير النظامية، لكنها ستظل خاضعة لمخاطر الانكشاف والتعقب.
ويعتقد محللون أن ما يجري في العراق ولبنان ليس إلا جزءًا من استراتيجية دولية أوسع تهدف إلى تجفيف مصادر تمويل الحوثيين، ضمن مسار الضغط على إيران وحلفائها في المنطقة.
ومع تضييق الخناق على الجماعة، قد تتجه العقوبات المقبلة نحو استهداف قنواتها السرية وشبكات غسيل الأموال التي لا تزال تنشط في بعض العواصم.