أثار قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتجميد الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية في القدس، وفرض ضرائب باهظة على ممتلكاتها، موجة غضب واستنكار فلسطينية واسعة.
وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية اعتبرت الخطوة محاولة لتعطيل قدرة الكنيسة على أداء مهامها الروحية والإنسانية والمجتمعية، مؤكدة أنها تندرج ضمن سياسة الاحتلال في استهداف المقدسات الفلسطينية، مسيحية كانت أم إسلامية، في إطار سعيه لتصفية القضية الفلسطينية وطمس هويتها الدينية والتاريخية.
تحذيرات من تقويض الحضور المسيحي
اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين وصفت ما يجري بأنه “هجمة غير مسبوقة” ضد الكنائس في الأرض المقدسة.
وأوضحت، أن تجميد الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية وفرض الضرائب الباهظة يمثلان سياسة ممنهجة لتقويض الحضور المسيحي الأصيل في فلسطين، مشيرة أن ذلك يشكل خرقًا للوضع التاريخي القائم وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
رمزي خوري، رئيس اللجنة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، شدد في رسالة إلى الكنائس العالمية على أن هذه الإجراءات تهدد قدرة البطريركية على تقديم خدماتها الأساسية، وتفتح الباب أمام مخاطر حقيقية تستهدف حرية الكنيسة ودورها التاريخي.
الاعتداءات تتجاوز الحسابات البنكية
لم يقتصر الاستهداف بحسب اللجنة على تجميد الحسابات، بل إمتد ليشمل الاعتداء على أراضي الكنيسة الأرثوذكسية في محيط دير القديس جراسموس قرب أريحا.
شهدت المنطقة خلال العامين الأخيرين توسعًا استيطانيًا متسارعًا، تمثل في إقامة بؤر استيطانية جديدة تهدد الطابع الديني والتاريخي للمكان، وتندرج في إطار مخطط أوسع لطمس الهوية المسيحية في فلسطين.
مخاطر على هوية القدس
الجهات الفلسطينية المختلفة شددت على أن ما يحدث ليس إجراءً ماليًا عابرًا، بل جزء من سياسة الاحتلال الأشمل الهادفة إلى تغيير هوية القدس وإلغاء طابعها الديني والثقافي، محافظة القدس حذرت من أن استهداف الكنيسة الأرثوذكسية يعكس نية مبيتة لشل قدرتها على أداء واجباتها الروحية والإنسانية، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا خطيرًا في الحرب الإسرائيلية على المؤسسات الدينية.
دعوات لتحرك دولي عاجل
الخارجية الفلسطينية طالبت المجتمع الدولي، بما في ذلك العالمين المسيحي والإسلامي، بالتحرك الجاد لحماية الحضور المسيحي في فلسطين، معتبرة أن استمرار صمت المجتمع الدولي سيفسر كضوء أخضر للاحتلال لمواصلة سياساته القمعية.
كما دعت اللجنة الرئاسية لشؤون الكنائس الكنائس والمؤسسات المسيحية حول العالم إلى تحرك سياسي وقانوني وإعلامي لوقف هذه الانتهاكات، مؤكدة أن حماية حرية الكنيسة وأداء رسالتها الروحية والإنسانية هي مسؤولية جماعية وأمانة تاريخية.
قضية تتجاوز البطريركية
ويرى مراقبون، أن القرار الإسرائيلي الأخير يندرج في إطار حرب مفتوحة على الوجود الفلسطيني بمختلف أشكاله، وأن استهداف الكنيسة الأرثوذكسية يعكس رغبة الاحتلال في ضرب التوازن الديني والثقافي في القدس، بما يخدم مشروعه الاستيطاني والتوسعي.
ويؤكدون أن هذه الخطوات تستهدف في جوهرها الوجود المسيحي كجزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني.