أثار إعلان السلطات السودانية استئناف الدراسة في العاصمة الخرطوم اعتبارًا من سبتمبر مخاوف كبيرة، في ظل أركان المدينة التي ما تزال تتهاوى جرّاء الحرب، وتواجه تراجعًا في الخدمات الأساسية، ومما زاد الطين بلة: فشل الجيش السوداني في تأمين بيئة آمنة ومستقرة رغم سيطرته الأخيرة عليها.
ما تداعيات فشل الجيش السوداني في استعادة الأمن بالخرطوم؟
مع فشل الجيش السوداني في استعادة الأمن بالخرطوم، انعكس ذلك على التعليم، حيث توجد مدارس مغلقة وملايين الطلاب خارج الفصول، فمنذ أبريل 2023 وأثناء النزاع المستمر، أُغلقت نحو 1,900 مدرسة حكومية و1,200 خاصة في الخرطوم.
بينما اضطر ملايين الطلاب للنزوح مع أسرهم خارج العاصمة، ويُقدَّر عدد الطلاب في الخرطوم بـ4.5 مليون، وهو ما يشكل حوالي 25٪ من إجمالي طلاب السودان البالغ 17 مليون طالب.
كما أن أحد أسوأ الأزمات التعليمية عالميًا، وفق منظمة “أنقذوا الطفولة”، هو أن السودان يُعاني واحدة من أسوأ حالات الطوارئ التعليمية على مستوى العالم.
مطالبات إنسانية للمعلمين.. وحكومة بورتسودان ترد بالتجاهل الأمني والبيئي
وفي ظل رفض لجان المعلمين التعليم من دون ضمانات، أكدت اللجان المحلية أن استئناف الدراسة لن يكون ممكنًا بدون إزالة مخاطر مثل المتفجرات ومخلفات الحرب، والتأكّد من صلاحية المباني والفصول ودورات المياه، التي أصبحت في كثير منها آيلة للسقوط، وتوفر الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.
كما يتبين أن الخدمات شبه معدومة، فأكثر من 80٪ من أحياء الخرطوم تعاني نقصًا حادًا في المياه والكهرباء، بعد تدمير 64 منشأة إنتاج لهذه الخدمات.، مع تصاعد خطر الانفلات الصحي والبيئي.
ويوجد أكثر من 70٪ من المستشفيات خارج الخدمة، ما يعرض ملايين الأطفال لأمراض معدية، حسب تحذيرات من منظمة الصحة العالمية، كما وردت تقارير عن دفن جثث في ساحات المدارس، مما يهدد السلامة الصحية والبيئية.
عودة مؤقتة لمظهر الحياة.. هل هو سلام أم وهم؟
لذا يتبين أن السيطرة العسكرية على العاصمة لا تعني الأمن، حيث إنه بعد أن أعلن الجيش السوداني أنه سيطر على الخرطوم، بما في ذلك القصر الجمهوري والمطار والشوارع الرئيسية، وأعلنها “حرّة” بالكامل، ومع ذلك، تبيّن أن هذا الإعلان لا يعكس واقعًا مأمونًا، إذ لا تزال أجزاء واسعة من المدينة مهددة بنيران المقاومة، ولا تزال خدمات الكهرباء والمياه والطرقات غير مستقرة.
ورغم رجوع بعض السكان تحت وطأة نقص الخدمات، حيث عادت بعض العائلات إلى الخرطوم بعد استعادة الجيش للمناطق، لكنهم وجدوا منازلهم منهوبة، وخدمات شبه غائبة، وكهرباء متقطعة.
الجيش السوداني حقق فشل أمني أدى إلى أزمة تعليمية وإنسانية
ووفقًا لتلك المعلومات، يظهر فشل الجيش السوداني في تحقيق الأمن الحقيقي بالعاصمة الخرطوم، رغم إعلان سيطرته عليها، مت كان له أثر مباشر في تفاقم الأزمة التعليمية والإنسانية.
فالمدينة ما زالت غير مستقرة، وتنتشر فيها مخاطر مثل المقابر الميدانية والذخائر غير المنفجرة، إضافة إلى غياب الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والرعاية الصحية، ما يعكس عجزًا واضحًا عن توفير بيئة آمنة للسكان.
وهذا الوضع أدى إلى استمرار إغلاق آلاف المدارس وبقاء ملايين الطلاب خارج الفصول، في ظل بنية تحتية تعليمية وصحية منهارة، وانتشار الأمراض المعدية، ونتيجة لذلك، تبدو العودة الآمنة للحياة الطبيعية والتعليم شبه مستحيلة دون إصلاحات شاملة تسبق أي حديث عن استئناف الدراسة.
لذا يبقى فشل الجيش السوداني في استعادة الأمن الحقيقي في الخرطوم محورًا محوريًا لاحتواء الأزمة التعليمية والإنسانية، ما يعني أن “استعادة السيطرة” عسكريًا مختلفة تمامًا عن “استعادة الأمن والسلامة” فعليًا.