أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، في أول نسخة تحت قيادة وزير الخارجية ماركو روبيو، المقرّب من الرئيس الحالي للولايات المتحدة دونالد ترامب.
تغييرات مثيرة للجدل في تقييم حقوق الإنسان
فالتقرير، الذي جاء بتكليف من الكونغرس، شهد تغييرات لافتة تمثّلت في تقليص محتواه، مع التركيز على انتقاد دول محددة وتجاهل انتهاكات أخرى، لا سيما ما يتعلق بالملف الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية.
كما أن التقرير، الذي لطالما قدّم في السابق تفاصيل موسّعة عن قضايا الاعتقال التعسفي، والقتل خارج نطاق القانون، وتقييد الحريات، ركّز هذه المرة على قضايا مختارة، مستبعداً فقرات كاملة عن حلفاء ترامب مثل السلفادور، بينما انتقد دولاً في مرمى الانتقادات السياسية للإدارة، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا.
انتقادات لحلفاء غربيين بسبب قيود الإنترنت
وفي خطوة نادرة، وجّه التقرير انتقادات مباشرة لبريطانيا وفرنسا وألمانيا، مشيراً إلى تراجع الحريات نتيجة القوانين الصارمة على خطاب الكراهية عبر الإنترنت.
كما أشار التقرير إلى أن السلطات البريطانية تدخلت مراراً لمنع التعبير عن الرأي بعد حادثة طعن في بريطانيا استهدفت ثلاث فتيات، حيث تعرّض مستخدمون على الإنترنت للملاحقة بعد نشرهم معلومات مغلوطة ودعوات للانتقام.
وحذّرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، من أن تقييد التعبير “لا يؤدي سوى إلى مزيد من الكراهية والاستقطاب”، رغم أن روبيو نفسه دعم سياسات تمنع دخول أو تسحب تأشيرات من معارضين، خصوصاً الطلاب الذين انتقدوا إسرائيل عبر وسائل التواصل.
الملف الإسرائيلي.. حذف وتخفيف في الصياغة
وأحد أبرز ملامح التقرير كان اختصار الفقرة المتعلقة بإسرائيل، حيث أقرّ بارتكاب عمليات توقيف تعسفية وقتل، لكنه أضاف أن السلطات “اتخذت خطوات ذات مصداقية” لمحاسبة المسؤولين.
وهذا التخفيف قوبل بانتقادات حادّة من نواب الحزب الديمقراطي، الذين اتهموا إدارة ترامب وروبيو باستخدام ملف حقوق الإنسان كأداة سياسية ضد الخصوم، مع التغاضي عن الانتهاكات إذا خدم ذلك الأجندة الأميركية.
ملفات أخرى.. الصين والبرازيل وجنوب أفريقيا
وبالنسبة للصين، أعاد التقرير التأكيد على اتهامات “الإبادة” ضد أقلية الأويغور المسلمة، وهو ملف لطالما ركّز عليه روبيو منذ كان سيناتوراً.
وفي البرازيل، انتقد التقرير الملاحقات القضائية بحق الرئيس السابق جايير بولسونارو، مشيراً إلى تقييد النقاش الديمقراطي عبر الإنترنت، أما في جنوب أفريقيا، فأكد التقرير أن أوضاع حقوق الإنسان “تدهورت بشكل كبير”، في ظل دعم ترامب لقضية الأقلية البيضاء هناك.
السلفادور: تغييب للانتهاكات المثيرة للجدل
ورغم الإشادة بـ”الانخفاض التاريخي” في معدلات الجريمة بالسلفادور، تجاهل التقرير اتهامات منظمات حقوقية بأن الحملة الأمنية التي أطلقها الرئيس نجيب بوكيلة شملت اعتقالات تعسفية وتعذيب معتقلين في مراكز احتجاز مثل CECOT.
وحتى قضية المواطن كيلمار أرماندو أبريغو غارسيا، الذي رحّلته إدارة ترامب عن طريق الخطأ وتعرض للضرب وسوء المعاملة، لم تحظَ بالتفصيل الكافي.
انتقادات دولية للتقرير ورسائل متناقضة
لذا حذّرت منظمة العفو الدولية من أن التقرير يرسل “رسالة مخيفة” بأن واشنطن قد تتغاضى عن الانتهاكات إذا كانت تتماشى مع مصالحها السياسية، وأشارت الخبيرة أماندا كليسنغ إلى أن هذا النهج يمثل سابقة في تاريخ التقارير الأميركية، ويهدد مصداقية السياسة الخارجية الأميركية في مجال حقوق الإنسان.