ذات صلة

جمع

رئيس الأركان الإسرائيلي: قريبًا نبدأ مرحلة ثانية من “عربات جدعون” في غزة

أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، أن...

أكاذيب سلطة بورتسودان.. سجل حافل من التضليل الإعلامي بين إنكار الحقائق وتصدير الأزمات

أحدثت ادعاءات الجيش السوداني بشأن تدمير طائرة إماراتية في...

مأرب على صفيح ساخن.. إلى أين تقود فضائح المخابرات الإخوانية؟

أحدثت شهادة سلطان نبيل قاسم، أحد ضحايا الانتهاكات على...

هل ينجح إخوان سوريا في العودة إلى المشهد عبر بوابة المعارضة؟

أثار البيان الأول لجماعة الإخوان الإرهابية في سوريا، بعد...

كيف تحول الإخوان من الصدام الميداني إلى المعارك الرقمية؟.. تكتيكات وأزمات على الساحة السياسية

بعد موجات القمع والمنع في بلدان عديدة، اعتمدت تيّهات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين بشكل متزايد على الأدوات الرقمية لبناء حضورها، وحشد الدعم، وشنّ حملات إعلامية ضدّ خصومها، وهذا التحوّل لم يكن عشوائيًا، بل استجابة منظّمة لقيود ميدانية وسياسة قمعية.

لماذا اتّجهت الجماعة نحو الفضاء الإلكتروني؟

بعد إنهاك الجماعة في المعارك الميدانية، اتجهت نحو استغلال الفضاء الإلكتروني؛ وذلك لعدة أسباب أولاً: وجود القيود الأمنية والسياسية على العمل الميداني، والتي أجبرت الجماعة على إيجاد بدائل أقل تكلفة وأكثر سرية.

وثانيًا: كون الشبكات الاجتماعية توفر وصولاً سريعًا إلى جماهير شابة، مع أدوات استهداف دقيقة وفعّالة، وثالثًا: لانتشار خدمات النشر المباشر والرسائل المشفّرة سهّل التنسيق الداخلي وتجنيد عناصر جديدة، وهذه العوامل مجتمعة حفّزت تحول الاستراتيجية.

أدوات وتكتيكات.. كيف تعمل المعارك الرقمية؟

لذا انتهجت الجماعة أساليب عديدة، منها: نشر المحتوى الدعائي وتعميم السرديات عبر استخدام حسابات رسمية وغير رسمية لنشر قصص تبرز مظلومية الجماعة وتسوّق لشرعية نشاطها الخيري والسياسي.

بالإضافة إلى شبكات الحسابات الموجّهة والتضليل ومجموعات ومنصات تنشر معلومات مضلّلة أو مترابطة للتأثير في الرأي العام وخلق زخم رقمي، وتقارير حرّرتها مؤسسات رقابية رصدت حوادث حذف وحظر لحسابات مرتبطة بسلوك منسق.

كما عملت على التجنيد عبر خدمات الرسائل والمحتوى التعليمي عبر مواد تعليمية ومشروعات مجتمعية تُروَّج رقميًا لاستقطاب عناصر شابة ضعيفة الارتباط السياسي.

تشظّي داخلي بالجماعة وضربات إقليمية متكرّرة

وخلال عام 2024–2025 شهد تحوّلات إقليمية ضاغطة؛ حيث صعدت دول عدة إجراءاتها ضدّ الإخوان، من حظر سياسي إلى اعتقالات ومصادرة أصول.

فالأسبوع الأخير شهد قرارًا حاسمًا في الأردن بحظر الفرع المحلي للجماعة، وتفكيك شبكات وصفتها السلطات بأنها تخطيط لاعتداءات داخلية. هذه الخطوة تندرج ضمن موجة إقليمية تضيق الخناق على الجماعات المنظّمة.

تأثير المنصات والتقنيات على عملية الانتشار الرقمي

لذا فمنصات التواصل سهلت الانتشار، لكنّها أيضًا مكّنت الحكومات من تتبّع الشبكات، وبينت تقارير حقوقية وحكومية دور الخوارزميات في تضخيم المحتوى المتطرّف وخطاب الاستقطاب، ما سمح لحملات الكراهية بالتمدد أحيانًا، ولحملات التضليل بالانتشار بسرعة، وهذا الواقع يضع الجماعة بين فخ التوسّع الرقمي ومخاطر الانكشاف والملاحقة الإلكترونية.

استراتيجيات المواجهة الحكومية والمدنية ضد الجماعة

فالردّ الحكومي اتّخذ أشكالاً متعددة: تشريعات مكثفة لمراقبة النشاط الرقمي، عمليات اعتقال وتجميد أصول، وسياسات رقابية تستهدف قيادات وشبكات تابعة.

وبالمقابل، تعمل منظمات مجتمع مدني وخبراء سياسة إعلامية على تعزيز المساحات المدنية الرقمية، وتدريب الشباب على التحقق ومواجهة التضليل، ولكن هذا الصدام الرقمي يثير أسئلة حول حرية التعبير والحقّ في التجمع السياسي.

ماذا تعني هذه التحولات لمستقبل الإخوان والمنطقة؟

ويوفر الانتقال إلى الفضاء الرقمي مرونة وبقياً، لكنه لا يعوّض عن البنية التنظيمية التقليدية المتآكلة، حيث تشتّت القيادة، والضغوط الإقليمية، والتحول في موازين الدعم الدولي، كلّها عوامل تقوّض قدرة الجماعة على إعادة تشكيل نفسها كقوة سياسية موحّدة.

ومع ذلك، يبقى للنفوذ الرقمي قدرة على إحداث تأثيرات سريعة ومؤذية إن لم تواكَب بسياسات تقنية ومجتمعية فعّالة.

وعلى الصحافة ومراقبي السياسات: ضرورة التمييز بين النقد السياسي والجرائم، وتعزيز التحقق من المصادر، ومراقبة شبكات التضليل، وعلى الحكومات: موازنة إجراءات الأمن الرقمي مع حماية الحريات العامة.

وعلى المجتمع المدني: بناء برامج توعية رقمية للفئات الشابة، ورفع وعي الجمهور بأدوات كشف التضليل، فهذه الخطوات ضرورية للحد من الأضرار الناتجة عن سباق التحوّل من الصدام الميداني إلى مواجهة رقمية مستمرة.

spot_img