وسط تصاعد الأحداث المشتعلة خلال هذه الفترة في المنطقة، تتجه الأجواء الدبلوماسية بين العواصم الأوروبية وطهران نحو مزيد من التصعيد، مع اقتراب موعد حاسم حدده وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي.
في رسالة رسمية وجهت إلى الأمم المتحدة، أكدت الدول الثلاث استعدادها لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات إذا لم تبدي طهران مرونة قبل نهاية أغسطس 2025، أو تتجاوب مع أي فرصة لتمديد المسار التفاوضي.
الموقف الأوروبي والتصعيد الإيراني
في إطار ما يعرف بـ”الترويكا الأوروبية”، التي لعبت منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015 دورًا محوريًا في الحفاظ على مسار الحوار، رغم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018.
لكن التطورات الأخيرة، وعلى رأسها العمليات العسكرية الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية، وضعت الملف النووي في دائرة المواجهة السياسية والعسكرية المباشرة، ودفعت الأوروبيين إلى إعادة تقييم أدوات الضغط.
إسطنبول.. لقاء صريح بلا نتائج
وبحسب المصادر، شهدت مدينة إسطنبول الشهر الماضي أول اجتماع مباشر منذ التصعيد العسكري الأخير، وصف بأنه “جدي وصريح ومفصل”، لكنه لم يسفر عن أي اختراق.
ورغم محاولات الترويكا لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران، إلا أن خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة التي رعتها سلطنة عمان هذا العام، انتهت دون اتفاق، خاصة بعد اندلاع العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.
تصعيد داخلي في إيران
على الصعيد الداخلي، تعيش إيران حالة من التوتر الأمني والسياسي، إذ أعلنت السلطات عن توقيف أكثر من 21 ألف شخص خلال ما وصفته بـ”الحرب مع إسرائيل” في يونيو الماضي.
ويرى مراقبون، أن هذه التطورات الداخلية تزيد من تعقيد قدرة طهران على المناورة في الملف النووي، خصوصًا مع تزايد الضغوط الاقتصادية والعقوبات التي أرهقت اقتصادها في السنوات الأخيرة.
العقوبات.. ورقة ضغط أخيرة
إعادة فرض العقوبات الأوروبية، في حال تنفيذها، ستشكل ضربة إضافية لاقتصاد إيران الذي يعاني أصلًا من قيود أميركية صارمة، وقد تعيد الأوضاع إلى ما قبل توقيع الاتفاق النووي.
ولكن محللين يحذرون من أن هذه الخطوة قد تدفع طهران إلى مزيد من التشدد في موقفها، وربما تسريع أنشطتها النووية بدلًا من كبحها، ما يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد الإقليمي.
ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الأوروبيون، يبدو أن الأسابيع المقبلة ستشهد جولات مكثفة من الاتصالات الدبلوماسية، في محاولة لتجنب انفجار الموقف.
فإما أن تنجح الجهود في إعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض، أو تدخل العلاقات بين إيران والغرب مرحلة جديدة من المواجهة السياسية والاقتصادية، قد تكون لها تداعيات واسعة على أمن المنطقة والعالم.