ذات صلة

جمع

أكاذيب سلطة بورتسودان.. سجل حافل من التضليل الإعلامي بين إنكار الحقائق وتصدير الأزمات

أحدثت ادعاءات الجيش السوداني بشأن تدمير طائرة إماراتية في...

مأرب على صفيح ساخن.. إلى أين تقود فضائح المخابرات الإخوانية؟

أحدثت شهادة سلطان نبيل قاسم، أحد ضحايا الانتهاكات على...

هل ينجح إخوان سوريا في العودة إلى المشهد عبر بوابة المعارضة؟

أثار البيان الأول لجماعة الإخوان الإرهابية في سوريا، بعد...

“انفجارات عنيفة جنوب صنعاء.. إسرائيل تعلن قصف مواقع للطاقة تابعة للحوثيين”

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، تنفيذ هجوم جديد على أهداف...

من الأكاذيب إلى الأزمات.. سجل التضليل الإعلامي لسلطة بورتسودان: آخره حادثة نيالا

لم تعد الحرب في السودان مجرد مواجهة ميدانية بين قوات متحاربة، بل تحولت إلى معركة متكاملة على جبهة الإعلام، وفي قلب هذه المعركة، برزت سلطة بورتسودان وأذرعها الإعلامية كلاعب أساسي في إنتاج وترويج الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، بهدف التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي، وخلط الحقائق، وإرباك المتابعين.

الواقعة الأخيرة… قصف مطار نيالا كنموذج

وأحدث حلقات هذا التضليل تمثلت في مزاعم تدمير طائرة إماراتية في مطار نيالا على يد قوات الدعم السريع، بينما لم تقدّم الجهات المروجة للخبر أي أدلة مصورة أو موثقة، وجاءت الاتهامات في توقيت حساس يتزامن مع تراجع الجيش في جبهات كردفان، ما دفع مراقبين لاعتبارها محاولة لصرف الأنظار عن خسائره.

وكشف بيان الدعم السريع بوضوح زيف هذه الادعاءات، وأكد أن المطار تحت حماية منظومات دفاع جوي متطورة، وأن المدينة تنعم بحياة مدنية مستقرة.

جاء النفي واضحًا وحاسمًا: “إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة مطلقًا، وهي جزءٌ من الحرب الإعلامية القذرة التي درج عليها فلول النظام للتغطية على هزائمهم العسكرية المتتالية…”.

وذكر البيان، أن مدينة نيالا، بمطارها ومرافقها الحيوية، تتمتع بحماية وتأمين شامل من جميع الاتجاهات، عبر منظومات دفاع جوي متطورة تم تعزيزها مؤخرًا، وهو ما مكنها من صد وإفشال محاولات سابقة لاختراق أجوائها وإسقاط مسيرات إيرانية وأخرى من طراز “بيرقدار” و”أكانجي”.

سجل الأكاذيب… وقائع موثقة

ويتضمن سجل أكاذيب حكومة بورتسودان العديد من الوقائع الصارخة، منها أكذوبة “المقاتلين الأجانب في صفوف الدعم السريع”، حيث روجت بورتسودان روايات عن وجود مرتزقة من كولومبيا ودول إفريقية تقاتل مع الدعم السريع، بينما لم تُعرض أي أدلة مصورة أو قوائم أسماء، والمفارقة أن بورتسودان تستعين علنًا بقوات أجنبية وميليشيات من أكثر من دولة، متمركزة في بورتسودان ووادي سيدنا.

وتوجد أيضًا حادثة “قصف المدنيين في الفاشر”، حيث بثت منصات موالية للجيش السوداني صورًا لمبانٍ مدمرة على أنها في الفاشر، ليتبين لاحقًا أنها صور قديمة من مدينة حلب السورية، بهدف شيطنة الدعم السريع دوليًا ودفع منظمات حقوق الإنسان لاتخاذ مواقف ضده.

ومن بين هذه الأكاذيب، إدعاء “الهجوم على قوافل الإغاثة”، ففي يوليو 2024، اتهمت بورتسودان الدعم السريع بقطع طرق الإمداد الإنسانية، بينما الأمم المتحدة نفت صحة المزاعم، وأكدت أن القوافل تعطلت بسبب قيود فرضتها سلطات الجيش في مناطق سيطرتها.

كما سبق أن ادعا حكومة بورتسودان “سقوط مدينة الأبيض”، ففي بداية 2025، أعلنت بورتسودان سيطرة الجيش الكاملة على الأبيض، وخلال 48 ساعة فقط، انتشرت مقاطع فيديو توثق استمرار وجود قوات الدعم السريع داخل المدينة، ما أثبت كذب الرواية.

وزعمت أيضًا مسبقًا “قصف مقر بعثة أممية”، حيث اتهم الجيش الدعم السريع بقصف مقر منظمة دولية في دارفور، وصدرت تقارير لاحقة من موظفي المنظمة أوضحت أن المبنى تضرر جراء تبادل نيران بين قوات الجيش وميليشيا متحالفة معه.

ما أهداف هذا التضليل الإعلامي؟

وبالتأكيد خلف تلك الأكاذيب توجد العدبد من الأهداف، منها تغطية الإخفاقات العسكرية، فكلما تكبد الجيش خسائر ميدانية، تخرج موجة جديدة من الأخبار الكاذبة لصرف الأنظار، بالإضافة إلى تشويه صورة الدعم السريع أمام الحلفاء عبر الزج بدول مثل الإمارات أو اتهام قوات الدعم السريع بجرائم حرب، في محاولة لإحداث قطيعة سياسية أو دبلوماسية.

كما تهدف حكومة بورتسودان أيضًا عبر ذلك التضليل السياسي والإعلامي إلى تعبئة الداخل لاستخدام خطاب “العدو الخارجي” والمبالغة في الانتصارات لرفع معنويات أنصار الجيش.

تأثير التضليل على المشهد العربي والدولي

لذا فحملات التضليل الصادرة عن بورتسودان لم تقتصر على الداخل السوداني، بل وجدت طريقها إلى منصات إعلام عربية وأجنبية، غير أن التكرار المفرط لهذه الأكاذيب أدى إلى فقدان الثقة في المصادر الرسمية الموالية للجيش، وأصبح بيان الدعم السريع – في كثير من القضايا – المرجع الأهم لنفي الأخبار وتوضيح الحقائق.

وما بين حادثة “طائرة نيالا” وأكاذيب “المقاتلين الأجانب” و”قصف المدنيين”، يتضح أن التضليل الإعلامي لسلطة بورتسودان ليس مجرد أخطاء إعلامية عابرة، بل هو استراتيجية ممنهجة، توظَّف فيها الأكاذيب كأداة سياسية وعسكرية.

ولكن هذه الممارسات، وإن حققت أثرًا آنيًا على الرأي العام، إلا أنها تترك أثرًا طويل المدى على مصداقية تلك الجهات أمام المجتمعين العربي والدولي.