في مشهد متسارع يُشير إلى تصاعد الاحتقان القبلي، أعلنت قبيلة خولان الطيال عن رفضها القاطع للإجراءات القضائية والأمنية التي فرضتها جماعة الحوثي، لتُهاجم الميلشيات مشايخ القبيلة بشكل غير مسبوق، ما أثار مخاوف واسعة من إمكانية اندلاع مواجهة قبلية داخل العاصمة صنعاء.
كيف أشعل الحوثيون غضب الخولان؟
تفاقمت الأزمة يوم الأربعاء، حيث خرجت قبيلة خولان الطيال بمحافظة صنعاء في وقفة قبلية في حصن الظبيتين، للمطالبة بالإفراج عن الشيخ سيف علي مشلي الحميدي، المعتقل لديها منذ فترة، ولكن تم منعهم من تنظيم احتجاج في ميدان السبعين بالعاصمة، وطردت جماعة الحوثي المشاركين من ميدان السبعين، مما أدى إلى تنظيم الوقفة في منطقتهم للمطالبة بإلغاء أحكام قضائية بالإعدام والسجن طالت بعض أبناء القبيلة.
كما أن المليشيا طوّقت الميدان بأطقم مسلحة واستخدمت القوة لفض الاعتصام بالقوة، قبل أن تقدم على اعتقال عدد من المشايخ المحتجّين في خطوة غير مسبوقة وصفتها القبائل بـ”العار الكامل والإهانة الصريحة للعرف اليمني”.
وكشفت مصادر يمنية أن عدد المشاركين في الوقفة لم يتجاوز خمسين شخصًا، بسبب ما وصفوه بالاعتداءات الحوثية التي شهدها ميدان السبعين، حيث تم اعتقال عدد من المتظاهرين وعُنف الآخرون، وهو ما أثار غضب شعبي واسع، قرر بناءً عليه مشايخ ووجهاء القبيلة الاستعداد لاحتجاجات أكبر في المستقبل.
غضب قبلي متصاعد وتحذيرات من “إعلان حرب على الأعراف القبلية”
وأفادت مصادر بأن خولان تُخطط لتنظيم وقفة جديدة في منطقة الشرزة مركز مديرية جحانة، للمطالبة بمراجعة الأحكام القضائية ومحاسبة القضاة الذين شاركوا في إصدار هذه الأحكام التي اعتبروها غير عادلة.
واشعلت الواقعة حالة من الغضب العارم في أوساط القبائل، واعتُبرت بمثابة “إعلان حرب على الأعراف القبلية والتقاليد اليمنية الأصيلة”، خاصة وأن خولان تُعد من أعرق القبائل وأكثرها تأثيرًا في موازين القوى.
فيما اعتبر شيوخ من خولان أن ما حدث هو “صفعة على وجه القَبِيلة اليمنية”، و”استفزاز لا يمكن السكوت عنه”، وسط ترقّب لتحركات قبلية قادمة قد تعيد خلط الأوراق في جبهة صنعاء.
تفاصيل الحراك القبلي
وترجع تفاصيل الأزمة إلى ديسمبر 2024، حيث أقدمت قبيلة خولان الطيال على تنظيم اعتصام في ميدان السبعين بصنعاء احتجاجًا على حكمٍ قضائي صادر عن محكمة خاضعة للحوثي قضى بإعدام 11 شخصًا من “بني هاجر” وحبس آخرين 15 عامًا، في قضية نزاع على قطعة أرض، وطالبت القبيلة بالتدخل الرئاسي لإلغاء هذه الأحكام، معتبرة إياها جائرة.
وفي مطلع يناير 2025، نصبت قبيلة خولان خيامها عند مدخل صنعاء، وأصدرت بيانًا يدين تأخير الفصل في قضايا الثأر الخمسة البارزة (هاجر–الجماعي، الجوبي–بهرم، التوعري–مقوله، شديق–الكرابه، وأهل عنس)، وهددت بمواصلة الاعتصام حتى تلبية مطالبها، محملة القضاء الحوثي مسؤولية تأجيج الثارات.
وفي محاولة لتهدئة القبيلة، دفعت مليشيا الحوثي مبلغ 21 مليون ريال لمشايخ محسوبين على خولان الطيال بهدف رفع الاعتصام ونقل المقاتلين من مطارح خولان إلى البيضاء، وتضمنت الصفقة أسلحة كـ“هدايا” من “مكتب السيد” (عبدالملك الحوثي)، ومع ذلك، تم استثناء قضية الناشطة المختطفة سحر الخولاني من الاتفاق، مما أثار سخطًا داخل القبيلة.
اعتداء حوثي على مشايخ خولان
وتوالت الوقائع إلى الحادثة الأخيرة حيث أقدمت قوات تابعة للحوثيين على تفريق اعتصام قبلي في ميدان السبعين بالقوة، مستخدمة الهراوات والعصي، ما أدى إلى إصابة واعتقال عدد من المشايخ والوجهاء، منددين بذلك باعتداء “وحشي وغير مسبوق”، ومطالبين بالإفراج عن الشيخ المعتقل سيف علي مشلي الحميدي، وإلغاء الأحكام الجائرة بحق 23 من أبناء القبيلة.
وبحسب تحليل لاحق، وصف الإعلام المحلي هذا التصعيد بأنه “كسر للمحظور”، وأشاع غضبًا واسعًا في صفوف قبائل الطوق ومنها خولان، التي رفضت بشدة ما وصفته بـ”الممارسات الهمجية” بحق رموزها.
هل تشتعل صنعاء؟
وفي ظل ذلك، شهدت الأحداث ثلاث مراحل تصعيدية بداية من الاعتصام السلمي إلى التهدئة بالمال، وصولًا إلى الاستخدام العنيف للقوة من قبل الحوثيين، وسط تمسك القبيلة بثوابتها من الرفض التام للمساومة على الملفات القبلية المستقلة، وخصوصًا قضايا العدالة والكرامة.
لذا توجد مخاطر صخمة باشتعال المواجهة، واستنادًا إلى هذا المسار، فإن استمرار الإقصاء والقمع قد يشعل مواجهة قبلية واسعة النطاق داخل صنعاء.