في قلب مدينة مأرب اليمنية، وفي مناطق يفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للمدنيين، تنكشف حقائق صادمة عن شبكة من السجون السرية تديرها جماعة الإخوان الإرهابية، حيث يتحول الاحتجاز إلى منظومة متكاملة من الإذلال والانتهاك النفسي والجسدي، في مشهد يذكر بأسوأ الكوابيس التي قد يعيشها إنسان في الظل.
منظومة الاعتقال خارج القانون
ما يجرر في هذه السجون لا يبدأ من بوابة المحكمة، بل من أزقة المدينة وأرصفتها، حيث تنفذ عمليات اختطاف بحق مدنيين بلباس مدني، من دون أوامر قضائية أو إجراءات قانونية.
يقتاد المعتقلون إلى أماكن مجهولة تدار من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة، حيث تبدأ أولى مراحل رحلة العذاب المنظمة، والتي تتحول فيها السجون إلى مسالخ بشرية.
التعذيب.. نظام ممنهج لا استثناء
التقارير التي تتسرب من داخل تلك السجون تكشف عن اعتماد سياسة ممنهجة في تعذيب المعتقلين، تبدأ بالصعق بالكهرباء، والضرب المبرح، و”الحفلات التأديبية” التي تهدف إلى كسر الإنسان نفسيًا وجسديًا.
ولا تقتصر أساليب التعذيب على الوسائل التقليدية، بل تتجاوزها إلى ممارسات مهينة كالتعليق في السقف حتى خلع الكتفين، والزحف فوق أدوات حادة، والحرمان من الطعام والنوم.
ولعل الأفظع من كل ذلك، هو استخدام الاغتصاب كسلاح سياسي لإذلال المعتقلين وكسر إرادتهم، فتشير التقارير إلى وجود عناصر مدربة خصيصًا لهذا الغرض، يستخدمون كأداة قذرة في معارك لا أخلاقية ضد المعارضين، في ظل صمت دولي مريب.
غياب العدالة وتعطيل القانون
وما يمارس داخل هذه السجون يتناقض كليًا مع الدستور اليمني، وكل القوانين الوطنية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، فلا وجود لمرافعات قانونية، ولا جلسات تحقيق نزيهة، بل منظومة تدار بأهواء أمنيين ذوي ولاء سياسي، يتصرفون كقضاة وجلادين في آن واحد.
ترتكب الانتهاكات في غياب شبه تام لأي رقابة قضائية، ويحرم المعتقلون من حقهم في الاتصال بذويهم أو توكيل محامين، وفي كثير من الحالات، يجهل مصيرهم تمامًا، ما يحول هذه السجون إلى ثقوب سوداء تبتلع الأصوات وتطمس الحقوق.
النساء في دائرة الانتهاك
لم تسلم النساء من هذه الممارسات الوحشية، بل تؤكد الشهادات أن الاعتداء عليهن يستخدم كوسيلة للابتزاز أو العقاب أو الضغط على أقاربهن المعتقلين، وفي هذه الزنازين، لا تنفع صرخات الضحايا، إذ تغطى بموسيقى صاخبة أو تلاوات قرآنية تشغل بصوت مرتفع لإخفاء كل ما يجري في الداخل.
هذه الممارسات التي ترتكب ضد النساء داخل سجون مأرب لا تمثل فقط خرقًا أخلاقيًا فادحًا، بل وصمة عار في جبين من يقف خلفها، ويعكس حجم الانهيار القيمي والإنساني الذي وصل إليه هذا النوع من السجون.
كل ما يجرى داخل سجون الإخوان في مأرب لا يمكن التعامل معه كأحداث عرضية أو تجاوزات فردية. بل هي جرائم ممنهجة، يخطط لها ويُشرف عليها مسؤولون أمنيون، ما يجعلها تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، وتستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا.