تصعيد غير مسبوق من الحوثيين إلى العمق الإسرائيلي.. وسط عجز عن احتواء الجبهة الإقليمية
في تطور خطير يُهدد بتوسيع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، أعلنت جماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن تنفيذ هجوم صاروخي جديد بصاروخ باليستي فرط صوتي استهدف مطار بن غوريون قرب مدينة يافا، فيما أكدت إسرائيل اعتراض صاروخ آخر أُطلق من اليمن، في أقل من أسبوع على هجوم مشابه أثار حالة من الذعر الجماعي.
وهذا التصعيد الذي اتخذ طابعًا نوعيًا وتكنولوجيًا، يشير إلى تحوّل الحوثيين إلى لاعب محوري في المعادلة العسكرية الإقليمية، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
الحوثيون يعلنون: “فلسطين 2” يصيب هدفه ويعطّل مطار اللد
وفي بيان رسمي مساء الثلاثاء، أكدت ميليشيا “أنصار الله” أن العملية التي نُفذت باستخدام صاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي، أصابت هدفها بدقة، وتسببت في شلل مؤقت لحركة الملاحة الجوية، وهلع واسع دفع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.
ووصف البيان الضربة بأنها: “رد مباشر على جرائم الإبادة والتجويع في غزة، واقتحامات المستوطنين للأقصى”، مشيرًا أنها جزء من “معادلة ردع إقليمية جديدة”.
ورغم غياب تأكيد رسمي إسرائيلي حول الأضرار، أفادت مصادر إعلامية بحدوث توقف جزئي لحركة الطيران، وتفعيل أنظمة الطوارئ في مطار بن غوريون.
إسرائيل: اعتراض صاروخ من اليمن باتجاه العمق
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، أن أنظمة الدفاع الجوي نجحت في اعتراض صاروخ باليستي تم إطلاقه من اليمن باتجاه وسط البلاد، وقال المتحدث باسم الجيش: إن “سلاح الجو رصد التهديد واعترضه بنجاح في الجو”، بينما تم تفعيل صفارات الإنذار في مناطق عدة، بينها القدس الكبرى، ما تسبب بحالة ذعر واسعة بين السكان.
ونشر الجيش خريطة تُظهر المناطق التي دوّت فيها الإنذارات، مشيرًا أن الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا من الجبهة اليمنية، ويستدعي إجراءات دفاعية متقدمة.
البحر الأحمر يشتعل مجددًا
وتزامنًا مع الهجمات الصاروخية، استأنف الحوثيون عملياتهم البحرية في البحر الأحمر، مستهدفين سفنًا تجارية يقولون إنها على صلة بإسرائيل أو حلفائها، في تحدٍ واضح للجهود الدولية الرامية إلى تأمين الممرات البحرية.
وأكدت تقارير أمنية وقوع حادث على بعد 30 ميلاً بحريًا شمال غرب مدينة المخا اليمنية، فيما يبدو أنه هجوم جديد بطائرة مسيّرة أو زورق مفخخ، ضمن سلسلة العمليات التي تنفذها الجماعة منذ نوفمبر 2023.
اتفاق هش مع واشنطن لا يشمل إسرائيل
ورغم توصل الحوثيين لاتفاق تهدئة مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، عقب حملة غارات أمريكية استهدفت مواقع استراتيجية في اليمن، أكدت قيادة ميلشيا الحوثي مرارًا أن الاتفاق لا يشمل العمليات ضد إسرائيل، بل إن “استمرار العدوان على غزة سيقابَل بتصعيد نوعي”.
ومنذ استئناف إسرائيل عملياتها في القطاع في 18 مارس 2024، عادت الهجمات الحوثية بوتيرة متسارعة، ما يشير إلى أن الجماعة تعتبر نفسها طرفًا مباشرًا في الحرب الدائرة.
انقسام داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية
وفي الداخل الإسرائيلي، أفاد موقع “إسرائيل هيوم”، بأن رئيس أركان الجيش إيال زامير يضغط منذ أسابيع لعرض خطة عسكرية موسعة في قطاع غزة أمام مجلس الوزراء، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمنعه من ذلك.
وأشارت مصادر مقربة من زامير، أن الهدف الرئيسي للخطة هو هزيمة حركة حماس واستعادة الرهائن، دون الانزلاق إلى احتلال كامل لغزة قد يؤدي إلى استنزاف القوات وتضييق الخيارات الاستراتيجية.
هل تفتح اليمن باب الحرب الإقليمية المفتوحة؟
ويرى مراقبون، أن تعدد جبهات الصراع الإسرائيلي – من غزة ولبنان وسوريا وصولًا إلى اليمن – بات يُثقل كاهل المؤسسة العسكرية والسياسية في تل أبيب، ويقوّض قدرتها على إدارة الحرب بشكل حاسم.
وباتت الهجمات الحوثية – التي تستخدم تكنولوجيا صاروخية متقدمة مثل الصواريخ الفرط صوتية – تمثل تحولًا نوعيًا في شكل التهديد القادم من الجنوب، خاصة مع تهديد الملاحة البحرية والمراكز الحيوية في الداخل الإسرائيلي.
وتتزايد المخاوف من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تفجير مواجهة إقليمية أوسع، خصوصًا إذا ما قررت إسرائيل الرد بعمليات عسكرية برية أو موسعة داخل اليمن، وهو سيناريو محفوف بالمخاطر، ويتطلب دعمًا أمريكيًا كبيرًا في ظل انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية القادمة.