وسط فوضى أمنية وتواطؤ إقليمي.. تجارة المخدرات تتحول إلى شريان تمويل رئيسي للحوثيين
في ظل انهيار مؤسسات الدولة اليمنية، وتوسع نفوذ جماعة الحوثي المدعومة من إيران، باتت البلاد تقترب بسرعة من التحول إلى بؤرة إقليمية لإنتاج وترويج المواد المخدرة، في مشهد يعيد إلى الأذهان التجربة السورية مع نظام بشار الأسد، الذي استخدم تجارة الكبتاغون لتمويل نفسه قبل سقوطه.
وبحسب تحليل نُشر في مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية، كتبه باحثتان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات هما: ناتالي إكاناو وبريدجيت تومي، فإن الحوثيين يبدون استعدادًا لاستغلال أي وسيلة مهما كانت خطورتها أو لا أخلاقيتها لتأمين مصادر تمويل تمكنهم من مواصلة الحرب والسيطرة على الأرض.
الكبتاغون بديل القات.. تجارة غير مشروعة تغذي آلة الحرب الحوثية
ولدى الحوثيين سجل طويل في زراعة وتجارة القات، المنشط التقليدي في اليمن، لكن التقارير تشير إلى تحولهم الآن إلى تجارة الكبتاغون، وهو مخدر شديد التأثير يدر أرباحًا طائلة، وكان قد استخدمه نظام الأسد سابقًا كمصدر تمويل رئيسي.
وفي مؤشر على اتساع النشاط، صادرت السلطات اليمنية الشرعية مؤخرًا 1.5 مليون حبة كبتاغون كانت في طريقها من مناطق سيطرة الحوثيين إلى السعودية، حيث تُباع الحبة الواحدة بسعر يتراوح بين 6 و27 دولارًا، ما يعكس حجم الأرباح الضخمة المتأتية من هذه التجارة.
ضبطيات متزايدة ومنشآت تصنيع داخل مناطق الحوثيين
واستمرت عمليات المصادرة خلال شهر يوليو الماضي، إذ تم ضبط عشرات الآلاف من الحبوب المخدرة في عدة عمليات أمنية، وتشير التحليلات أن الحوثيين بدأوا بالفعل في تصنيع الكبتاغون داخل اليمن، مستغلين الحدود الطويلة والمخترقة مع دول الجوار لتهريب المخدرات إلى أسواق أوسع، لا سيما السعودية ودول الخليج.
وأكد اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن عدن، في نهاية يونيو، أن الحوثيين أقاموا منشأة لإنتاج الكبتاغون في إحدى مناطقهم، وذلك بالتنسيق مع النظام الإيراني، بحسب ما أعلنه وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.
تجارة المخدرات.. سلاح إيراني غير تقليدي لتمويل الحروب
وتُظهر هذه الأنشطة المخدرات كأحد أدوات التمويل الأساسية للميليشيات المرتبطة بإيران، من الحوثيين في اليمن إلى الميليشيات الشيعية في العراق، وجماعات موالية لطهران في لبنان وسوريا، وهذه الشبكات تستغل ضعف الدولة وانفلات الأمن لتوسيع نشاطها عبر المنطقة، بما يشمل الإنتاج والتوزيع وحتى تهريب المخدرات إلى خارج الشرق الأوسط.
وفي أبريل الماضي، ضبط تحالف بحري دولي أكثر من 2.5 طن من المواد المخدرة كانت على متن سفينة مبحرة في بحر العرب، بقيمة تتجاوز 8 ملايين دولار، في دليل واضح على امتداد الشبكات إلى طرق التجارة البحرية الدولية.
تهديد عابر للحدود.. من اليمن إلى الغرب
ورغم أن الكبتاغون لم يصل بعد إلى الشواطئ الأميركية، إلا أن المحللتين حذرتا من أن شبكات المخدرات تربط الشرق الأوسط بالغرب؛ مما يعني أن اليمن قد يتحول إلى حلقة رئيسية في هذا التهديد العابر للحدود.
وشدد التقرير على ضرورة أن تُبقي واشنطن عينيها على اليمن، حيث تتشكل ملامح مركز إنتاج جديد للكبتاغون، في وقت ما تزال فيه الشبكات في سوريا ولبنان نشطة للغاية.
سوريا ما بعد الأسد.. تجارة الكبتاغون لم تتوقف
رغم الإطاحة ببشار الأسد، الذي كان راعيًا رئيسيًا لشبكات المخدرات في سوريا، فإن عمليات التهريب ما زالت مستمرة، وتواصل التدفق من سوريا إلى الأردن والخليج، وسط تعهدات من الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، بـ”تطهير البلاد”، وبدء جهود أمنية مشتركة مع دول الجوار للحد من الظاهرة.
لكن بحسب المحللتين، فإن سقوط الأسد لم يسدّ الفراغ في تجارة الكبتاغون، بل أعاد توزيعه على أطراف مستعدة لملء المكان، مثل جماعة الحوثي في اليمن، التي تسعى لتوسيع حصتها في السوق.