يُحاول تنظيم الإخوان اللإرهابي في تونس من جديد استدعاء ورقة التدويل والتوظيف السياسي لملف القضاء، مستثمرًا قضية زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، الذي صدر بحقه حكم بالسجن 14 عامًا في ما عرف بـ”قضية التآمر 2″.
المحاولة الإخوانية جاءت عبر بيان حمل توقيع شخصيات سياسية وحكومية سابقة، يجمعها إمّا الانتماء إلى تيار الإسلام السياسي، وإما العداء المعلن للأنظمة العربية، فضلًا عن أسماء من الأكاديميين والمثقفين الغربيين المعروفين بتعاطفهم مع جماعة الإخوان أو أجندتها.
لغة المظلومية وسردية المؤامرة
البيان الصادر يوم 11 يوليو 2025 عن ما سمي “الهيئة الدولية لمناصرة راشد الغنوشي” لم يكن مجرد تعبير عن التضامن، بل بدا كأنه جزء من حملة منظمة تستهدف تدويل القضية، ومحاولة التأثير على الرأي العام الدولي، باستخدام سردية مظلومية قديمة طالما لجأت إليها الجماعة.
البيان يصر على نفي صفة القانونية عن المحاكمة، ويشكك في مصداقية الشهود، ويعتمد على مفردات مشحونة بالعاطفة مثل “الأحكام الجائرة” و”الانهيار الكامل لضمانات العدالة”، دون تقديم دفوع قانونية واضحة.
تحالف عابر للحدود.. شبكة الإخوان وأذرعها الدولية
الأسماء الموقعة على البيان تظهر بوضوح تحالفًا إخوانيًا دوليًا يستعيد نشاطه، من قيادات سابقة في حكومات الإسلام السياسي، إلى ناشطين دوليين معروفين بمواقفهم المؤيدة للجماعة، وأكاديميين غربيين يستخدمون خطابًا معاديًا للأنظمة العربية.
هذه التركيبة لا تعكس تضامنًا إنسانيًا بل شبكة ضغط منظمة تستهدف التأثير في الرأي العام الغربي، لا الداخل التونسي.
وتوقيت الحملة يعكس ارتباكًا داخل النهضة، مع تراجع شعبيتها وتزايد ملفات التحقيقات حول الفساد وشبهات اختراق مؤسسات الدولة، وبما أن الغنوشي يواجه تهمًا ثقيلة، فإن التدويل يُستخدم هنا كورقة ضغط أخيرة.
الجماعة تراهن على تعاطف خارجي لطالما خدمها في محطات سابقة، لكنها هذه المرة تصطدم بواقع قانوني صارم ومزاج شعبي رافض.
هل تنجح محاولة التدويل؟
رغم اعتماد الإخوان تاريخيًا على منظمات ضغط ووسائل إعلام غربية، فإن السياق الدولي تغير، الجماعة أصبحت تحت مجهر السلطات الأوروبية بسبب قضايا تمويل وعلاقات مشبوهة، كما أن الشارع التونسي لم يعد متعاطفًا مع قيادات النهضة.
أمام هذا، تبدو محاولة التدويل أقرب إلى ابتزاز سياسي منها إلى دفاع عن العدالة، خصوصًا حين يُطرح الإفراج عن “جميع السجناء السياسيين” كمطلب جماعي.
ومحاولة تدويل قضية راشد الغنوشي ليست إلا امتداداً لخطاب مأزوم، يعكس عجز الجماعة عن مواجهة الواقع القانوني والسياسي داخليًا. وهي محاولة لخلق مظلة تحمي المتورطين تحت عباءة الحقوق والحريات.
لكن هذه الورقة، التي لطالما استخدمها الإخوان بمهارة، لم تعد فعالة. فالقضاء التونسي يتحرك وفق معايير قانونية، والمجتمعات العربية باتت أكثر وعيًا بخطاب الجماعة وأساليبها.