في تطور يُهدد بجرّ اليمن والمنطقة إلى مسار بالغ الخطورة، حذرت مصادر أمنية ودبلوماسية من وجود مخطط إيراني لتزويد ميليشيا الحوثي بأسلحة بيولوجية، ما يثير مخاوف من انتقال الصراع القائم في البلاد إلى مرحلة الحروب غير التقليدية.
وهذا التصعيد النوعي لا يشكل فقط تهديدًا مباشرًا للأمن اليمني، بل ينذر بتداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والدولي، وسط دعوات ملحّة لتدخل دولي عاجل لكبح جماح الخطر قبل تفاقمه.
شحنة أسلحة ضخمة تُفجر أزمة دبلوماسية
وجاءت التحذيرات في أعقاب كشف الحكومة اليمنية عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية متطورة كانت في طريقها إلى الحوثيين، في عملية نوعية جرت بتاريخ 27 يونيو/ حزيران الماضي.
وأعلنت “المقاومة الوطنية” بالتعاون مع قوات خفر السواحل اليمنية، عن اعتراض سفينة تحمل 750 طناً من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية في المياه الإقليمية اليمنية.
وتضمنت تفاصيل الشحنة الإيرانية منظومات صاروخية بحرية وجوية، وأنظمة دفاع جوي ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة هجومية واستطلاعية، وأجهزة تنصت، صواريخ مضادة للدروع (كونكورس)، ومدافع B-10، قناصات، وعدسات تتبُّع، وكميات ضخمة من الذخائر المتنوعة.
وبحسب تصريحات رسمية في مؤتمر صحفي لـ”المقاومة الوطنية”، فقد أظهرت التحقيقات أن المكونات التقنية والعلامات المتسلسلة والمواصفات الفنية تتطابق مع المعدات العسكرية المصنعة في إيران، بالإضافة إلى أدلة تشغيل مكتوبة باللغة الفارسية.
مذكرة احتجاج يمنية إلى مجلس الأمن
وردًا على ما اعتبرته انتهاكًا سافرًا للسيادة الوطنية، قدّمت الحكومة اليمنية مذكرة احتجاج رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، سلّمها المندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي، وأكدت فيها أن دعم إيران المستمر للحوثيين يعد انتهاكًا صريحًا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، خاصة القرارين 2140 (2014) و2216 (2015) اللذين يفرضان عقوبات على الأطراف التي تهدد الأمن والاستقرار في اليمن.
وصرّح وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني في المذكرة أن شحنة الأسلحة المصادرة “تمثل حلقة جديدة في سلسلة من الخطط الإيرانية الممنهجة لتأجيج الصراع في اليمن، وتعكس مستوى خطيرًا من الانخراط الإيراني في تمويل وتسليح ميليشيا الحوثي”.
مخاوف من تحول النزاع إلى صراع بيولوجي
ولم تقف التحذيرات عند حد تهريب الأسلحة التقليدية، فقد نُقل عن مصادر أمنية مطلعة أن إيران تخطط لتزويد الحوثيين بتقنيات ذات طبيعة بيولوجية أو كيميائية يمكن استخدامها في الحرب، ما يشير إلى نية تصعيدية خطيرة قد تدفع الصراع اليمني إلى مرحلة الحرب غير التقليدية، وتستدعي استنفارًا دوليًا لمواجهة هذه الاحتمالات الكارثية.
فالتحول نحو الأسلحة البيولوجية، في حال تأكد، يعني دخولًا في مسار خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني، ويهدد بإدخال اليمن في دائرة النزاعات المصنّفة ضمن الأسوأ على مستوى العالم.
دعوة لمحاسبة إيران وتفكيك شبكات التهريب
الحكومة اليمنية دعت مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه الخطر الإيراني المتصاعد، وفرض عقوبات صارمة على الكيانات والأفراد المتورطين في تهريب السلاح، واستكمال تعيين فريق الخبراء المعني باليمن لتوثيق الجرائم، ودعم الجهود اليمنية لوقف تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.
كما حذرت من أن استمرار التهاون الدولي مع الانتهاكات الإيرانية يمنح طهران وميليشياتها “ضوءًا أخضر لتوسيع رقعة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها”.
وحتى الآن، لم تصدر طهران أي تعليق رسمي على بيان الحكومة اليمنية، أو على تفاصيل الشحنة التي تم ضبطها. لكن خبراء يرون أن الصمت الإيراني يأتي ضمن سياسة “الإنكار المتعمد”، رغم تراكم الأدلة على تورطها المستمر في تسليح الحوثيين.
هل بدأ العد التنازلي لحرب غير تقليدية في اليمن؟
وإذا صحّت المعلومات حول الأسلحة البيولوجية، فإن الصراع اليمني قد يتجاوز مرحلته التقليدية، ليصل إلى مرحلة من التعقيد العسكري والإنساني غير المسبوق، ومثل هذا التطور يستدعي إعادة تقييم دولية شاملة للتعامل مع الملف اليمني، وضرورة بناء تحالف ردع سياسي وأمني يمنع انزلاق المنطقة إلى سيناريوهات تهدد الصحة والأمن الدوليين.
وتتخذ التحركات الإيرانية في اليمن أبعادًا أكثر عدوانية وخطورة، من مجرد دعم سياسي أو لوجستي، إلى محاولة إدخال أنواع تسليح محظورة دوليًا، ما يمثل تحديًا صارخًا للقانون الدولي وللجهود الأممية لحل الأزمة اليمنية، وتبدو اليمن اليوم على مفترق طرق: إما التدخل الحاسم لوقف هذا الانفلات، أو مواجهة مستقبل تتصدره الكوارث البيولوجية والمواجهات الإقليمية المفتوحة.