ذات صلة

جمع

ترامب يلوّح بتكرار ضرباته ضد إيران.. هل نشهد نهاية محتملة لمسار السلام النووي؟

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نبرته تجاه طهران،...

مساجد صنعاء تتحول لبنوك تمويل.. الحوثي يساوم على معاناة الفلسطينيين والمال أداة بقاء

في خطوة تكشف التناقض الصارخ بين الشعارات المعلنة والممارسات...

قمع إعلامي.. كيف يدفع الحوثيون الصحافيين للنزوح من صنعاء؟

كشف تقرير حقوقي حديث عن تصاعد الانتهاكات الممنهجة التي...

ترامب يلوّح بتكرار ضرباته ضد إيران.. هل نشهد نهاية محتملة لمسار السلام النووي؟

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من نبرته تجاه طهران، ملوّحًا بشن ضربات إضافية على المنشآت النووية الإيرانية “إذا لزم الأمر”، وذلك بعد أسابيع من تنفيذ هجمات جوية مكثفة أدت – بحسب تأكيداته – إلى “تدمير بالغ” في البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني.

وفي منشور جديد على منصة “تروث سوشيال”، علّق ترامب على تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التي أدلى بها لقناة “فوكس نيوز”، قائلاً: “وزير الخارجية الإيراني يعترف بأن المنشآت النووية تعرضت لأضرار جسيمة.. هذا ما قلته من البداية، وسنكرره إن تطلّب الأمر”.

طهران تقر بالأضرار لكنها ترفض التفاوض

وكان عراقجي قد اعترف – ولأول مرة- بتوقّف أجزاء من البرنامج النووي الإيراني جراء “الأضرار الكبيرة” التي لحقت بمنشآت نووية حساسة، نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية المشتركة، لكنه شدد في المقابل على أن إيران “لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم”، وأن الظروف الحالية “غير مناسبة لأي حوار مع واشنطن”.

ويُعد هذا التصريح تحولاً نادرًا في لهجة طهران، التي كانت تقلّل في السابق من أثر الضربات العسكرية، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن تصلب الموقف الإيراني في مواجهة التصعيد الأميركي.

تفاصيل الضربات: قاذفات الشبح و”قنابل الأعماق”

وبحسب البنتاغون، نُفذت الضربات يوم 21 يونيو باستخدام قاذفات الشبح B-2، واستهدفت مواقع نووية شديدة التحصين في أصفهان ونطنز وفوردو، والتي تقع الأخيرة منها على عمق أكثر من 800 متر تحت الأرض.

وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جون راتكليف، أن العملية العسكرية استغرقت 18 ساعة متواصلة، وتم خلالها إسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات من نوع “بونكر باستر”، في مهمة وصفها بأنها “الأكبر من نوعها منذ عقدين”.

وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغزيث: إن التأثير الحقيقي للقنابل “لا يمكن رؤيته بالعين المجردة”، مشيرًا أن الأضرار “مدفونة تحت الأرض”، بينما اتهم وسائل الإعلام المشككة بأنها تحاول “تقويض الرئيس في لحظة حاسمة من الصراع الجيوسياسي”.

إيران تتلقى ضربة استراتيجية والمخاوف تتصاعد

فيما أكدت هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، أن موقع فوردو “أصبح غير قابل للتشغيل”، بينما تعرّضت أجهزة الطرد المركزي في نطنز وفوردو لأضرار لا يمكن إصلاحها.

كما أشارت مصادر أمنية، أن إيران لم تتمكن من إخلاء كميات اليورانيوم المخصب قبل الضربات، ما زاد من حجم الخسائر الفنية والاستراتيجية.

وبدوره، وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية بأنها “هائلة”، محذرًا من أن طهران ستواجه “تحديات كبيرة في إعادة تشغيل البرنامج بنفس الوتيرة السابقة”.

اغتيالات مركزة وموجات تصعيد متبادل

وتأتي الضربات الأميركية بعد سلسلة من العمليات الإسرائيلية النوعية التي استهدفت قيادات بارزة في “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى اغتيال 14 عالمًا نوويًا خلال الأشهر الماضية، في عمليات سرية وُصفت بأنها “إحدى أكثر حملات الاغتيال تعقيدًا ضد البرنامج الإيراني منذ نشأته”.

ويرى مراقبون، أن هذه الاغتيالات كانت بمثابة التمهيد الاستراتيجي للهجوم الجوي الأميركي، الذي مثّل ذروة استراتيجية الضغط القصوى على طهران.

هل توجه أمريكا ضربة ضد إيران أم ضد مسار السلام؟

وتشير هذه التطورات إلى تراجع فرص العودة إلى طاولة المفاوضات، على الأقل في المدى القريب، إذ إن إعلان ترامب استعداده لتكرار الضربات العسكرية يعكس رهانه على تحقيق “ردع دائم” عبر القوة، وليس من خلال الدبلوماسية، لكنه في المقابل، يرفع منسوب التوتر في منطقة تعاني أصلاً من هشاشة أمنية شديدة.

وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب لتقديم هذا التصعيد كرسالة قوة إلى الداخل الأميركي قبيل الانتخابات، يرى محللون أن سياسة “القصف أولاً” قد تدفع طهران إلى تسريع أنشطتها السرية أو اللجوء إلى الرد غير المباشر، عبر الميليشيات الإقليمية الموالية لها.

من جانب آخر، تخشى أطراف أوروبية من انهيار كامل للاتفاق النووي، وتكرار سيناريو 2019 حين تصاعد التوتر بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق دون بديل دبلوماسي واضح.

الشرق الأوسط أمام منعطف استراتيجي

وفي ظل هذا التصعيد، تتقلص المساحات المتاحة للحلول السياسية، بينما تتزايد المخاطر من اندلاع مواجهة مفتوحة بين واشنطن وطهران، وبينما يسعى الرئيس ترامب لإثبات حزم إدارته، تجد إيران نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: إما التراجع النووي مقابل لا شيء، أو الدخول في مواجهة طويلة الأمد مع تحالف دولي ما يزال يتشكل حول الضربات الأخيرة.

spot_img