كشفت مصادر أمنية يمنية ودولية عن وصول شحنات متطورة من المواد المشعّة والكيماوية الدقيقة إلى ميليشيات الحوثي، بهدف استخدامها في تطوير القدرات العسكرية.
وبحسب منصة “ديفانس لاين” المتخصصة في الشؤون الأمنية والعسكرية، فقد حصل الحوثيون على هذه الشحنات الحساسة عبر شبكات تهريب معقدة، انطلقت من إيران مرورًا بمنافذ متعددة وصولًا إلى اليمن، في تحدٍّ صارخ لأي رقابة دولية.
مكونات حساسة لتعزيز الترسانة الصاروخية
وأوضحت المنصة، نقلًا عن مصادر أمنية وضباط منشقين عن الحوثيين، أن الشحنات شملت حاويات تحوي نظائر مشعّة وسلائف كيميائية خطرة، تُستخدم في تطوير الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية والطائرات المسيّرة.
وتم نقل هذه المواد إلى مواقع شديدة السرية والتحصين في محافظة صعدة — المعقل الرئيسي للحوثيين — وكذلك في مناطق جبلية نائية، مستغلين التخفيف الرقابي الذي صاحب اتفاقات الهدنة الأممية منذ 2022، والتي خففت إجراءات التفتيش على الموانئ والمنافذ.
استغلال مخزون الجيش اليمني السابق
يُذكر، أن الحوثيين، عقب انقلابهم في 2015، استولوا على المخزون الصاروخي للجيش اليمني، الذي ضم صواريخ سوفيتية وكورية، بعضها قادر على حمل رؤوس كيميائية وعنقودية.
وهذا المخزون، إلى جانب المواد المهربة الجديدة، يساهم في تعزيز القدرات الصاروخية للميليشيا، ما يضاعف من خطر استهدافهم للمدن اليمنية والدول المجاورة.
وتواجه ميليشيات الحوثي صعوبات كبيرة في تأمين الوقود السائل اللازم للصواريخ، بسبب الرقابة الدولية المشددة وشح الإمدادات.
ولهذا السبب، اتجه الحوثيون نحو تصنيع واستخدام الوقود الصلب في صواريخهم، لما يتيحه من سهولة في التصنيع، وسهولة التخزين لفترات طويلة، وقدرة أكبر على الإطلاق السريع.
مواد كيميائية جديدة تدخل المعادلة
وبحسب معلومات استخباراتية نُشرت حديثًا في تقرير آخر لـ”ديفانس لاين”، تمكّن الحوثيون من إدخال كميات كبيرة من المواد الكيميائية إلى اليمن، بما في ذلك نترات الأمونيوم وبيركلورات الصوديوم، وهي مواد أساسية في تصنيع المتفجرات ووقود الصواريخ.
كما نجحوا في تهريب غلايات ومعدات صناعية أساسية، تُستخدم في صهر وتحضير المواد الحساسة لتجهيز الرؤوس الصاروخية.
تهديد إقليمي ودولي متصاعد
ووسط الضغوط الكبيرة التي تواجهها إيران من الولايات المتحدة وإسرائيل، حذّر خبراء عسكريون من إمكانية استخدام الحوثيين كورقة ضغط إيرانية في المنطقة، عبر تعزيز قدراتهم الهجومية وزيادة وتيرة الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
ويرى مراقبون، أن هذه القدرات المتنامية قد تمكّن الحوثيين من تحويل اليمن إلى منصة لإطلاق تهديدات استراتيجية، لا تقتصر على الداخل اليمني أو السعودية فحسب، بل قد تمتد لاستهداف طرق الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي، وحتى مصالح دولية أوسع.
إيران والحوثيون
وتعود علاقة إيران بالحوثيين إلى مطلع الألفية، حين بدأت طهران بتقديم الدعم التدريبي واللوجستي للميليشيا في صعدة، بهدف تأسيس حليف استراتيجي في شبه الجزيرة العربية.
ومع تصاعد النزاعات الإقليمية، برز الحوثيون كورقة ضغط أساسية في يد إيران ضد السعودية وحلفائها، خصوصًا بعد تدخل التحالف العربي في اليمن عام 2015.
وتشير تقارير، أن إيران زوّدت الحوثيين بخبرات تكنولوجية متقدمة لتطوير الطائرات المسيّرة والصواريخ البعيدة المدى، بهدف خلق جبهة تهديد مستمرة على حدود السعودية، وبوابة البحر الأحمر الحيوية.
ويؤكد تكثيف الحوثيين لجهود التسلح الكيميائي والصاروخي على أن الجماعة تمضي قدمًا في تعزيز مشروعها العسكري، بدعم إيراني واضح، ما يشكل تهديدًا متزايدًا للأمن الإقليمي والدولي.
ومع استمرار تدفق المواد الحساسة وتطوير البنى التحتية العسكرية، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التوترات، قد تشهد مواجهات أوسع وأكثر تعقيدًا.