ذات صلة

جمع

مشروع ناعم بوجه أيديولوجي.. كيف تسلل الإخوان إلى المجتمع الفرنسي؟

لم يكن تقرير وزارة الداخلية الفرنسية الصادر في مايو...

مستقبل اتفاق السلام بين سوريا وإسرائيل.. هل تصبح الجولان “حديقة للسلام”؟

أكدت مصادر إسرائيلية وجود شكوك جدية حول إمكانية موافقة...

الصراع بين إيران وإسرائيل يفتح شهية سباق التسلح النووي بين الدول.. ماذا يحدث؟

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن تصاعد المخاوف بشأن انهيار...

نتنياهو يلوح بـ”فرص جديدة”.. هل اقترب اتفاق الرهائن؟

في تحول لافت في الخطاب السياسي الإسرائيلي، أشار رئيس...

هجوم رقمي مدمر.. قراصنة يضربون قلب المال الإيراني في ذروة التصعيد

في الوقت الذي كانت فيه الأنظار مشدودة نحو السماء...

مشروع ناعم بوجه أيديولوجي.. كيف تسلل الإخوان إلى المجتمع الفرنسي؟

لم يكن تقرير وزارة الداخلية الفرنسية الصادر في مايو الماضي سوى تتويج رسمي لتحذيرات متكررة من تمدد “الإسلام السياسي” في فرنسا، وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين، التي لم تعد تلاحقها تهم الإرهاب المباشر، بل خطر أكثر خفاء، التغلغل الهادئ داخل البنية الاجتماعية والمؤسساتية الفرنسية.

مصطلح “التغلغل” الذي ارتبط تاريخيًا بالحركات اليسارية الثورية في بدايات القرن العشرين، عاد إلى الواجهة اليوم بصيغة دينية محافظة، تستند إلى خطاب مزدوج ومنهج اختراقي يعتمد العمل الهادئ عبر المنظمات الخيرية والتعليمية والثقافية.

“الخطاب المزدوج”.. واجهة الاعتدال وأجندات الظل

وفق تقرير وزارة الداخلية، فإن جماعة الإخوان تمارس هذا التغلغل من خلال الجمعيات والمساجد والمؤسسات التعليمية التي تتبنى في العلن خطابًا متوافقًا مع العلمانية الفرنسية، لكنها في العمق تروج لخطاب ديني محافظ يسعى إلى إعادة تشكيل الهوية المجتمعية بطريقة تتعارض مع القيم الجمهورية.

ويعتبر التقرير أن الخطاب المزدوج هو التقنية المركزية في هذه الاستراتيجية، إذ يسمح للتنظيم ببناء شبكات تأثير ناعمة دون إثارة الريبة، مع تفادي المواجهة المباشرة مع الدولة، ما يصعب رصد التحرك أو معاقبته قانونيًا.

الجمعيات كأدوات نفوذ.. البنية الناعمة للتمكين

في فرنسا، يقدر عدد الجمعيات الإسلامية بعدة آلاف، الكثير منها يعمل في إطار القانون ويقدم خدمات اجتماعية وثقافية للمجتمع المسلم.

غير أن التقرير الرسمي يربط بعض هذه الكيانات بجماعة الإخوان، ويرى أنها تمثل “أذرعًا تنظيمية غير مباشرة”.

الهدف -وفق التقرير- ليس التبشير الديني أو الدعوة فحسب، بل التأثير في الأجيال الشابة وتوجيهها سياسيًا داخل أطر محافظة، مع إعادة تعريف مفاهيم مثل الحرية والهوية والانتماء، بما يتماشى مع تصورات التنظيم الأم.

جاليات في مرمى الريبة.. من الاندماج إلى الاتهام

القلق من “تغلغل” الإخوان لا ينعكس فقط على الأمن، بل أيضًا على النسيج المجتمعي الفرنسي، حيث بدأت الجاليات المسلمة تواجه ضغطًا نفسيًا واتهاميًا متزايدًا، حتى دون وجود دلائل مباشرة على الانتماء للتنظيم.

هذا الوضع أنتج حالة من الارتباك لدى المسلمين الملتزمين بالقانون، خاصة في ظل التشكيك المتكرر في أنشطة الجمعيات الدينية، حتى تلك التي لا تتبنى أجندات سياسية واضحة.

النتيجة، أن المسلمين الفرنسيين باتوا يجدون أنفسهم في معركة تأكيد الولاء، بدلًا من التركيز على الاندماج الفعلي.

رغم أن القانون الفرنسي يسمح بحل الجمعيات التي تخل بالأمن أو تحرض على الكراهية، إلا أن الدولة لا تستطيع اتخاذ خطوات عقابية بمجرد الاشتباه في التوجهات الفكرية، ما يجعل مواجهة هذا “التغلغل” معركة معقدة قانونيًا وأمنيًا.

تقرير الداخلية لم يدعُ إلى مطاردة جماعية، بل دعا إلى المراقبة الهادئة والتمييز بين الممارسة الدينية السلمية والنشاط السياسي المؤدلج، في إشارة إلى أهمية بناء أدوات رقابية دقيقة تحترم الحريات وتواجه في الوقت ذاته المشاريع الأيديولوجية الخطرة.

بين الظاهر والمخفي.. فرنسا على مفترق طرق

الحديث عن “تغلغل” الإخوان ليس مجرد هواجس أمنية، بل اختبار لمبادئ الجمهورية نفسها، التي تحاول أن توازن بين حماية قيمها والانفتاح على تنوعها.

spot_img