في تطور جديد ينذر باتساع رقعة الاشتباك الإقليمي، أعلنت مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، السبت، عن تنفيذ هجوم صاروخي استهدف إسرائيل، بعد أيام فقط من وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب.
الخطوة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد غير المباشر، تعيد صياغة خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة.
صاروخ “ذو الفقار”.. من اليمن إلى بئر السبع
في بيان بثته قناة “المسيرة”، تبنّى المتحدث العسكري باسم مليشيات الحوثي يحيى سريع، إطلاق صاروخ من طراز “ذو الفقار” على ما وصفه بـ”هدف حساس” في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل. الجماعة زعمت: أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة، دون أن تقدّم أدلة أو صور تؤكد ذلك.
في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي: إنه رصد إطلاق صاروخ من اليمن نحو الأراضي الإسرائيلية، فجر السبت، وفعّل صفارات الإنذار وفق البروتوكول الأمني، قبل أن تعترضه أنظمة الدفاع الجوي بنجاح، وأكدت هيئة الطوارئ الإسرائيلية عدم وقوع إصابات أو أضرار.
يعد هذا الصاروخ أول حادث صاروخي منذ إعلان وقف النار بين إسرائيل وإيران، ما يرفع منسوب التوتر الإقليمي رغم حالة الهدوء النسبي الظاهر.
خطاب النصر الإيراني ينعكس على حلفائها
تأتي هذه الخطوة في سياق ما يراه مراقبون ترجمة حركية لخطاب الانتصار الذي تروج له إيران بعد وقف المواجهات مع إسرائيل.
المليشيات الحوثية، كواحدة من أبرز أذرع طهران في المنطقة، تسعى إلى تثبيت حضورها كلاعب في المعادلة الإقليمية، عبر الانخراط الرمزي في التحدي المفتوح مع إسرائيل.
ورغم أن الجماعة لم تنخرط بشكل مكثف في إطلاق الصواريخ خلال فترة التصعيد بين إيران وإسرائيل، إلا أن بيانها الأخير يعكس رغبة في استثمار لحظة ما بعد الحرب، لتأكيد “الولاء المحسوب” لمحور المقاومة من جهة، وكسب نقاط سياسية داخلية وخارجية من جهة أخرى.
الحدود العملياتية.. خطاب التصعيد دون فعل مباشر
في وقت سابق، وبعد استهداف إسرائيل للمفاعلات الإيرانية في 13 يونيو، أعلنت الجماعة الحوثية استعدادها لاستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، دعمًا لطهران.
لكن هذه التهديدات بقيت ضمن نطاق التصريحات الإعلامية ولم تترجم إلى عمليات فعلية، ما يسلط الضوء على الفجوة بين الخطاب والقدرات الميدانية.
كما أن الجماعة، التي كانت قد تبنّت عملية واحدة فقط خلال ذروة المواجهة، لم تظهر نشاطًا صاروخيًا كثيفًا على غرار الهجمات التي نفذتها إيران نفسها، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على التصعيد، وما إذا كانت تتحرك بضوء أخضر إيراني مضبوط الإيقاع.
هل نواجه فصلًا جديدًا من حرب الوكالة؟
التحرك الحوثي الأخير قد يشكل بداية مرحلة جديدة من “الحرب غير المتكافئة”، تنفذها الأذرع الإقليمية لإيران على وقع حسابات سياسية ودبلوماسية معقدة.
فبينما تحاول طهران الترويج لانتصارها، تبدو حريصة على إبقاء الاشتباك مع إسرائيل ضمن حدود مضبوطة، تُدار من الخلف عبر أدواتها في اليمن ولبنان والعراق.