ذات صلة

جمع

إيران تعلق التعاون مع الوكالة الذرية.. هل تفتح الباب لبرنامج نووي سري؟

في خطوة مفاجئة وذات دلالات استراتيجية خطيرة، صدّق البرلمان...

الإخوان.. الجذور الأيديولوجية لإرهاب بن لادن باعتراف بخط يده

في تطور جديد يكشف عمق العلاقة الفكرية بين جماعة...

“ترامب غاضب من نتنياهو”.. هل بدأت واشنطن أخيرًا برسم خطوط حمراء لتل أبيب؟

كشفت صحيفة أكسيوس الأميركية، الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي دونالد...

12 يومًا من الصواريخ المتبادلة.. كم كلّفت الحرب بين إيران وإسرائيل؟

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ...

إيران تعلق التعاون مع الوكالة الذرية.. هل تفتح الباب لبرنامج نووي سري؟

في خطوة مفاجئة وذات دلالات استراتيجية خطيرة، صدّق البرلمان الإيراني (مجلس الشورى) على مشروع قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصعيد مباشر يعكس توترًا متزايدًا بين طهران والمنظمة الأممية المكلفة بمراقبة أنشطتها النووية.

ورغم أن القرار النهائي ينتظر موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلا أن هذه الخطوة التشريعية تمثل مؤشرًا واضحًا على نية طهران التصعيد في وجه الضغوط الدولية، خاصة بعد اتهامات وجهتها لمدير الوكالة رافاييل غروسي بـ”التواطؤ” مع الهجمات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة على منشآتها النووية.

اتهامات متبادلة.. وانعدام الثقة

وفي هذا السياق، قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف: إن “الوكالة الذرية فقدت مصداقيتها بعد رفضها إدانة الهجمات على منشآتنا النووية”، وأوضح أن إيران لن تستأنف التعاون إلا بعد الحصول على ضمانات أمنية كافية لحماية هذه المنشآت.

وجاء التصعيد الكلامي الإيراني عقب تقرير أصدره مجلس محافظي الوكالة، اعتبرته طهران “مسيسًا” ومبررًا للضربات العسكرية، متهمة غروسي بتجاهل “العدوان الإسرائيلي الأميركي” على منشآت فوردو وأصفهان ونطنز، بل إن إيران تعتزم تقديم شكوى ضده إلى الأمم المتحدة، مع مطالبات من بعض السياسيين بمنعه من دخول البلاد نهائيًا.

هل تسرّع إيران برنامجها النووي سرًا؟

ويثير قرار تعليق التعاون قلقًا بالغًا في الغرب، لا سيما أن مفتشي الوكالة لم يتمكنوا من الوصول إلى منشآت نووية حيوية لتقييم الأضرار أو مراقبة نشاطات تخصيب اليورانيوم.

وتحتفظ إيران حاليًا بأكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب بشكل خطير من مستويات تصنيع السلاح النووي (90%)، ومن غير المعروف حتى اللحظة وضع هذا المخزون بعد الهجمات العسكرية التي طالت مواقع التخصيب الحساسة.

ورغم تأكيد واشنطن وتل أبيب “تدمير” البرنامج النووي الإيراني، فإن طهران نفت ذلك بشدة، ما يعيد فتح باب الشكوك حول احتمال إعادة بناء البرنامج سرًا بعيدًا عن أعين المفتشين الدوليين.

سيناريوهات الرد الدولي.. تصعيد أم دبلوماسية؟

وفي ظل ذلك تظهر عدة سيناريوهات، منها تصعيد استخباراتي أو عسكري إسرائيلي– أميركي؛ حيث يُحتمل أن تلجأ إسرائيل والولايات المتحدة إلى عمليات سرية إضافية لإعاقة أي تقدم نووي إيراني، خاصة إذا ظهرت مؤشرات على إعادة تخصيب اليورانيوم في منشآت غير معلنة.

أما السيناريو الثاني هو فرض عقوبات دولية جديدة، حيث قد تدفع الخطوة الإيرانية بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى طرح حزمة جديدة من العقوبات في مجلس الأمن، رغم صعوبة تمريرها في ظل الفيتو الروسي– الصيني.

والثالث هو انهيار الاتفاق النووي نهائيًا، فما زال الاتفاق النووي في غرفة الإنعاش، قد يتلقى الضربة القاضية، إذا قررت طهران طرد المفتشين بالكامل أو المضي في تخصيب بنسبة أعلى.

والسيناريو الرابع هو عودة المفاوضات بشروط مختلفة، ففي المقابل، قد تسعى أطراف دولية مثل الصين وروسيا إلى تفعيل مسار تفاوضي جديد يحاول إنقاذ ما تبقى من الاتفاق وتفادي المواجهة العسكرية.

ما الخطوة التالية لطهران؟

تاريخيًا، استغلت إيران فترات التوتر لتعزيز قدراتها النووية عبر إعادة تشغيل أجهزة طرد متقدمة وتوسيع أنشطة التخصيب، ومع غياب المفتشين، سيكون من الصعب التحقق مما إذا كانت طهران ستلتزم علنًا بالخطوط الحمراء أم أنها بدأت فعلاً مرحلة “الخداع النووي” كما يصفها بعض المحللين الغربيين.

ويرى خبراء، أن إيران قد تتبنى نهج الغموض المتعمد بشأن مستوى تخصيب اليورانيوم ومواقع إنتاجه، بما يتيح لها هامش مناورة سياسيًا وتفاوضيًا، مع الحفاظ على خيار “الاختراق النووي” (Breakout Capability) في حال قررت الانتقال نحو إنتاج السلاح.

وليس تعليق التعاون مع الوكالة الذرية مجرد رد فعل غاضب، بل تحول استراتيجي في نهج إيران النووي، وإذا لم يُقابل بتحرك دولي حازم أو مبادرة دبلوماسية ذكية، فقد يكون العالم أمام سباق نووي إقليمي مفتوح، تبدأ شرارته من طهران، ولا يعرف أحد أين تنتهي.

spot_img