كشفت صحيفة أكسيوس الأميركية، الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبّر عن غضبٍ شديد خلال مكالمته الهاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي هدفت إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بعد 12 يومًا من القتال العنيف.
مكالمة غاضبة.. ترامب يواجه نتنياهو مباشرة
ونقل الموقع عن مصدر في البيت الأبيض، أن ترامب تحدث إلى نتنياهو بـ”لهجة مباشرة واستثنائية الصرامة”، مشيرًا أن الرئيس الأميركي “أوضح بوضوح ما يجب على إسرائيل فعله من أجل الحفاظ على التهدئة”.
وبحسب التقرير، فإن نتنياهو استشعر جدية التحذيرات الأميركية، ووافق على تقليص حجم الرد الإسرائيلي رغم أنه أبلغ ترامب بأن إيران انتهكت الهدنة بإطلاق صواريخ تجاه الأراضي الإسرائيلية.
هل تراجعت إسرائيل تحت الضغط الأميركي؟
وفي أعقاب المكالمة، أعلن ترامب أن إسرائيل “تراجعت عن شن هجوم واسع على إيران”، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية أكدت تنفيذ غارة محدودة على موقع رادار قرب طهران، وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي: أن سلاح الجو “نفذ ضربة رمزية” ردًا على الانتهاكات الإيرانية.
من جهتها، أعلنت وسائل إعلام إيرانية، أن مدينة بابلسر شمال البلاد تعرضت لهجوم جوي إسرائيلي، وهو ما أكّد استمرار التوتر رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
ورغم هذا التصعيد المحدود، أشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن بلاده امتنعت عن تنفيذ ضربات أوسع بعد مكالمة ترامب، فيما وصف مسؤولون إسرائيليون الهجوم بأنه “محدود واستهدف هدفًا رمزيًا واحدًا”، استجابة لمطلب واشنطن باحتواء الوضع.
ترامب يُفاجئ الجميع: على إسرائيل أن “تهدأ”
وفي تصريحات لاحقة، أعرب ترامب عن عدم رضاه عن خرق الطرفين للهدنة، قائلًا: إنه “غير راضٍ عن أي من الجانبين، وبخاصة إسرائيل”، ثم عاد ليؤكد أن وقف إطلاق النار ما يزال ساريًا، نافيًا نية واشنطن السماح بمزيد من التصعيد.
وفي منشور مثير على منصته “تروث” سوشيال، قال الرئيس الأميركي: إن “الطائرات الإسرائيلية المتوجهة إلى إيران لن تُلحق الأذى بأحد”، مؤكدًا أنها ذاهبة لـ”أداء تحية ودية” في لهجة بدت أقرب إلى التهكم منها إلى التصريح الرسمي.
وأمام الصحفيين قبيل مغادرته لحضور قمة حلف الناتو في لاهاي، صرّح ترامب بصراحة: “على إسرائيل أن تهدأ”، في رسالة مباشرة اعتبرها مراقبون تحولًا في لهجة واشنطن تجاه تل أبيب.
صواريخ وصفارات إنذار في الشمال الإسرائيلي
وعلى الأرض، لم تمنع الهدنة إطلاق صفارات الإنذار في شمال إسرائيل صباح الثلاثاء، بعد رصد إطلاق صواريخ من جهة إيران، حسب الجيش الإسرائيلي، بينما نفت طهران عبر مجلس أمنها القومي أي مسؤولية عن تلك الهجمات، مؤكدة أن الجيش الإيراني لم يطلق صواريخ جديدة منذ إعلان وقف إطلاق النار.
ورغم ذلك، شدد رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، على أن بلاده “سترد بقوة على الانتهاكات الإيرانية”، فيما أكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس، أن سلاح الجو تلقى أوامر بـ”الرد المباشر”، مع أن الرد الفعلي جاء محدودًا.
تصعيد سابق وهدنة هشة
وشهدت الأيام الـ12 السابقة للهدنة واحدة من أعنف جولات التصعيد بين إيران وإسرائيل، حيث شنت تل أبيب هجمات نوعية استهدفت مواقع عسكرية، ومنشآت نووية، وقادة كبارًا وعلماء إيرانيين، وفقًا لتقارير إسرائيلية.
وفي المقابل، ردّت إيران بسلسلة هجمات بالصواريخ والمسيرات استهدفت مدنًا إسرائيلية؛ مما دفع الولايات المتحدة إلى دخول المعركة بشكل مباشر، عبر تنفيذ ضربات دقيقة على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان.
وقد ردّت إيران لاحقًا عبر قصف قواعد أميركية في العراق وقطر، دون تسجيل إصابات، قبل أن يعلن ترامب بشكل مفاجئ وقف إطلاق النار، ويدخل حيز التنفيذ صباح الثلاثاء.
هل بدأت واشنطن بوضع قيود على تل أبيب؟
ويمثل غضب ترامب العلني تجاه نتنياهو تحولًا غير مسبوق في العلاقات الأميركية– الإسرائيلية، فالرئيس الأميركي الذي طالما تباهى بدعمه غير المشروط لإسرائيل، بدا في هذه الجولة أكثر حرصًا على منع التصعيد الإقليمي الشامل.
ويعتقد مراقبون، أن المكالمة بين ترامب ونتنياهو قد تكون المرة الأولى التي يضع فيها البيت الأبيض “خطًا أحمر” فعليًا لتحركات إسرائيل، في ظل مخاوف أميركية من تفجير المنطقة على نحو لا يمكن السيطرة عليه، خاصة بعد دخول المنشآت النووية في دائرة الاستهداف.
وجاءت التهدئة بعد أيام من النزيف، لكن الرسالة الأوضح لم تكن من تل أبيب أو طهران، بل من واشنطن، فقد أظهرت الأزمة أن الولايات المتحدة، ما تزال اللاعب الوحيد القادر على رسم حدود الصراع، وأن غضب رئيسها قد يكون أشد تأثيرًا من طائرات F-35.