دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ صباح اليوم الثلاثاء، بعد 12 يومًا من المواجهات العسكرية غير المسبوقة، وجاء إعلان الهدنة على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أكد أنه مارس ضغوطًا على الطرفين لوقف التصعيد حفاظًا على استقرار المنطقة.
ورغم أن الهدنة تبدو في ظاهرها انفراجة سياسية، إلا أن الأيام الماضية خلفت فاتورة دموية واقتصادية باهظة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصراع بين الطرفين، بحسب ما أوردته وكالة أسوشييتد برس وتقارير من وول ستريت جورنال.
كلفة الحرب على إسرائيل
وبلغت تكلفة الحرب لإسرائيل ما يزيد عن 2.4 مليار دولار خلال 12 يومًا فقط، وفق تقديرات مراكز أبحاث وخبراء أمنيين، فقد وصلت تكلفة تشغيل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة إلى أرقام فلكية، إذ نشّطت تل أبيب نظام “مقلاع داود” مرات متكررة، بتكلفة 700 ألف دولار للاعتراض الواحد، بحسب معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
أما نظام “أرو 3” الذي صُمم لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، فكلف 4 ملايين دولار لكل اعتراض، بينما بلغت كلفة استخدام “أرو 2” حوالي 3 ملايين دولار لكل صاروخ، ووفقًا لتقرير وول ستريت جورنال، بلغ إجمالي الإنفاق الدفاعي اليومي حوالي 200 مليون دولار.
الدمار في الداخل.. إصلاحات بمئات الملايين
وبجانب التكلفة العسكرية، واجهت إسرائيل أضرارًا مادية ضخمة ناتجة عن الصواريخ والمسيرات الإيرانية التي ضربت مدنًا كبرى مثل تل أبيب، حيفا، وبئر السبع، وقدّرت الحكومة الإسرائيلية كلفة إصلاح المباني والبنية التحتية المتضررة بأكثر من 400 مليون دولار.
كما سجلت السلطات مقتل نحو 30 شخصًا، بينهم مدنيون وجنود، فيما أصيب العشرات، في حصيلة بشرية تعد الأعلى منذ حرب 2006 مع حزب الله.
الضربة الأميركية لطهران.. خسائر استراتيجية ومليارية
وعلى الطرف الآخر، تلقّت إيران ضربات موجعة بعد أن نفذت الولايات المتحدة، بتنسيق مع إسرائيل، غارات دقيقة على منشآت نووية حساسة في نطنز، فوردو وأصفهان، وبحسب البنتاغون، فقد استخدمت 75 سلاحًا دقيقًا في الهجوم، وأسقطت أكثر من 182 طنًا من المتفجرات بواسطة طائرات الشبح B-2، في أكبر عملية من نوعها.
وتكمن الكلفة الحقيقية لإيران في سنوات من الاستثمارات النووية التي دُمّرت خلال دقائق، فقد كلف بناء المواقع النووية المتضررة مليارات الدولارات على مدار أكثر من 15 عامًا، فيما تتوقع مصادر غربية أن إعادة إعمارها ستستغرق سنوات وتكلف مليارات أخرى.
خسائر بشرية فادحة في إيران.. قيادات الصف الأول في مرمى الاغتيالات
فيما تعد الخسائر البشرية الإيرانية الأكثر فداحة في هذا النزاع، فقد أكدت تقارير غربية، أن عدد القتلى بلغ نحو 650 شخصًا، بينهم عدد كبير من القادة العسكريين رفيعي المستوى، وعلى رأسهم رئيس الأركان محمد حسين باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، وقائد مقر “خاتم الأنبياء” علي شادماني (قُتل بعد أيام من تعيينه).
كما اغتيل أكثر من 30 قائدًا عسكريًا إيرانيًا، وفق مصادر إسرائيلية، إضافة إلى 17 عالمًا نوويًا ومهندسًا متخصصًا في البرنامج النووي الإيراني؛ مما يعكس ضربة استخباراتية وأمنية نوعية لطهران.
هل كانت الهدنة انتصارًا اقتصاديًا؟
ويرى مراقبون، أن تكاليف الحرب الباهظة كانت أحد أبرز المحركات نحو القبول بوقف إطلاق النار، ففي الوقت الذي تخوفت فيه إسرائيل من استنزاف طويل، وجدت إيران نفسها تنزف من الداخل بعد خسارة المنشآت والقيادات، مع تصاعد السخط الشعبي والانهيار الاقتصادي المتسارع.
وبينما اعتبرت واشنطن الهدنة “نجاحًا تكتيكيًا”، فإن تقديرات الخبراء تشير أن الهدوء الحالي هش ومشروط، وقد يكون مجرد فاصل بين جولتين أشد شراسة، في حال فشلت الدبلوماسية في احتواء جذور الأزمة، وفي مقدمتها البرنامج النووي الإيراني.
لذا خلفت 12 يومًا من الحرب بين إيران وإسرائيل خسائر فادحة، قدرها خبراء بمليارات الدولارات وآلاف الأرواح، وبينما يُنظر إلى الهدنة الحالية كفرصة لالتقاط الأنفاس، إلا أن الضرر الاستراتيجي والاقتصادي والإنساني سيستمر تأثيره طويلًا.