في تصعيد غير مسبوق للصراع بين إسرائيل وإيران، كشفت مصادر استخباراتية عن ضربات عسكرية إسرائيلية دقيقة استهدفت البنية التحتية الصاروخية الإيرانية، وأدت إلى تراجع حاد في قدرة طهران على تنفيذ هجمات واسعة بالصواريخ الباليستية، وتُظهر التحركات الأخيرة تفوقًا جوّيًا إسرائيليًا واضحًا في مقابل تراجع القدرات الإيرانية على الأرض وفي الجو.
قدرات جوية متباينة بين إيران وإسرائيل
من ناحيتها، استغلت إسرائيل طائراتها الشبحية من طراز F‑35 ومقاتلات F‑15 في توجيه ضربات مباغتة على المنشآت العسكرية الحساسة في إيران، متفوقة بوضوح على الدفاعات الجوية الإيرانية التقليدية التي تعتمد على منظومات S‑300 وBavar‑373، وقد نجحت إسرائيل في تعطيل عدد من محطات الرادار والمواقع الحيوية المرتبطة بمنظومة القيادة والتحكم الإيرانية، وهو ما أدى إلى تفكك نسبي في أداء الدفاعات الإيرانية.
في المقابل، تفتقر إيران إلى قوة جوية ردعية قادرة على فرض معادلة توازن، ما يدفعها للاعتماد أساسًا على استراتيجية الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، والتي أصبحت الآن تحت تهديد مستمر من الضربات الموجهة والعملاء الميدانيين.
ترسانة الصواريخ الباليستية تحت الضغط
وبحسب صحيفة إسرائيل هيوم، فإن العمليات الجوية الإسرائيلية أدت إلى تدمير مئات الصواريخ الباليستية الإيرانية، بالإضافة إلى عشرات من منصات الإطلاق، ما قلّص ترسانة طهران من نحو 3000 صاروخ إلى حوالي 2000 فقط.
وتُشير التقديرات، أن هذه الضربات أضعفت بشكل بالغ قدرة إيران على تنفيذ هجمات صاروخية مكثفة، سواء من حيث العدد أو النطاق.
كما أفادت المصادر، أن هذه الخسائر جاءت نتيجة تخطيط استخباراتي دقيق سبق الضربات، حيث تمكن عملاء “الموساد” خلال السنوات الماضية من تحديد مواقع التخزين، وإدخال طائرات تجسس مسيّرة عبر شبكات تجارية بغطاء مدني، ما مكّن الفرق من مراقبة تحركات الصواريخ وضربها قبل اكتمال استعدادات الإطلاق.
تفكيك القيادة العسكرية الإيرانية
ولم تقتصر الضربات على البنية العسكرية، بل طالت أيضًا قيادات الصف الأول في الحرس الثوري الإيراني.
وقد تأكد اغتيال أمير علي حاجي زادة قائد القوات الجوية في الحرس الثوري والمشرف على العمليات الصاروخية، ومحمد باقري رئيس أركان الجيش الإيراني، وحسين سلامي قائد الحرس الثوري، ورستم علي رشيد قائد أركان العمليات، وعلي شمخاني مستشار المرشد الأعلى، وفريدون عباسي ومهدي طهرانجي من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين.
وهذه الاستهدافات الدقيقة أدت إلى شلل واضح في سلسلة القيادة الإيرانية، مما خلق حالة من الارتباك لدى القادة الميدانيين، الذين أصبحوا عاجزين عن تلقي أو إصدار التعليمات العملياتية المنتظمة.
كم تدوم قدرة إيران على الرد؟
ووفقًا لتقديرات استخباراتية، فإن إيران تملك حاليًا ما يقارب 2000 صاروخ باليستي، وإذا اعتمدت طهران معدل إطلاق يومي يصل إلى 100 صاروخ، فإن قدرتها الهجومية قد لا تتجاوز عشرين يومًا من القتال المستمر، ما لم يتم اللجوء إلى احتياطات سرّية أو ينجح المجتمع الدولي في فرض تهدئة.
ماذا عن قدرة إسرائيل على التحمل؟
رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، إلا أن استمرار الهجمات الصاروخية المتكررة يفرض ضغطًا تصاعديًا على منظومة الدفاع الجوي متعددة الطبقات (القبة الحديدية، مقلاع داوود، آرو)، وقد أشارت تقارير غربية، أن معدل الاستهلاك اليومي للصواريخ الاعتراضية بات في حدود عالية نسبيًا، مما يرفع تكلفة الدفاع ويستهلك مخزون الذخائر الدفاعية بوتيرة متسارعة.
ومع ذلك، فإن الدعم الأمريكي اللوجستي والتمويلي يُعد عنصرًا حاسمًا في تعزيز قدرة إسرائيل على الصمود لفترة أطول، خاصة مع تعهدات واشنطن بإعادة تزويد إسرائيل بمنظومات دفاعية وذخائر خلال أي تصعيد طويل الأمد.
كما تمتلك إسرائيل منظومة صناعية عسكرية داخلية متقدمة قادرة على إعادة تصنيع أو تجميع منظومات الدفاع، ما يمنحها مرونة لوجستية أعلى مقارنة بإيران، لكنها تظل عرضة للإجهاد في حال توسع الهجمات لتشمل عدة جبهات أو دخول أطراف إقليمية أخرى على خط المواجهة.
إلى أين تتجه المواجهة؟
تمتلك إسرائيل تفوقًا نوعيًا في الجو والدفاعات الصاروخية المدعومة من الولايات المتحدة، ما يمنحها أفضلية استراتيجية في الصمود والمناورة، فقد تصمد لأسابيع أو حتى شهور في مواجهة الهجمات الصاروخية، بشرط استمرار الدعم الغربي، وبقاء الجبهة الداخلية موحدة.
بينما إيران، ورغم امتلاكها ترسانة صاروخية كبيرة، تواجه تحديات متزايدة في مواصلة الرد المكثف، في ظل تراجع مخزونها، وغياب القيادة، وفعالية الضربات الاستباقية الإسرائيلية.
لكن في حال حدوث هجمات متزامنة من جبهات متعددة (لبنان، غزة، إيران)، فإن القدرة على المواصلة بدون استنزاف كبير ستكون محل اختبار فعلي.
ومع استمرار التصعيد، يبقى مصير الجولة الحالية مرهونًا بمدى قدرة طهران على استعادة المبادرة، أو انخراط قوى إقليمية ودولية في جهود التهدئة، قبل أن تنزلق المنطقة إلى مواجهة شاملة لا يمكن السيطرة على نتائجها.