في الوقت الذي تنعم فيه الدول الأوروبية بمناخ ديمقراطي يضمن حرية الاعتقاد والتعبير، تنشط جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في استغلال تلك الأجواء لتوسيع نفوذها، مستغلة المساجد والمجتمعات اللاجئة كمنصات استراتيجية لاختراق المجتمعات الأوروبية من الداخل.
الجماعة، التي لطالما سعت إلى التسلل خلف الشعارات الإنسانية، تلبس قناع الدعوة والخدمة الاجتماعية، بينما تحرك من خلف الستار مشروعًا سياسيًا متطرفًا يتعارض جوهريًا مع قيم التعددية والانفتاح.
المساجد كبوابات تأثير وتجنيد
المساجد التي يفترض أن تكون فضاءات روحية جامعة، تحولت في بعض الأحياء الأوروبية إلى بؤر فكرية خاضعة لتأثير الإخوان، عبر التحكم في تعيين الأئمة، وتمويل الأنشطة الدعوية، وفرض برامج تربوية موجهة، تقوم الجماعة بإعادة صياغة الوعي الديني للمسلمين، خصوصًا أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين.
الشباب، الذين يقفون في مفترق طرق بين ثقافتين، يصبحون الهدف المثالي لتعبئة فكرية تنبني على خطاب مزدوج، يدعو للاندماج في الظاهر، ويحرض على العزلة والانغلاق في العمق.
اللاجئون.. الحاضنة المثالية للتغلغل
تستغل الجماعة حالة التشتت والاحتياج التي يعاني منها اللاجئون القادمون من مناطق النزاع، لتقديم نفسها كبديل إنساني واجتماعي عن الدولة.
من تقديم المساعدات الغذائية إلى التوجيه القانوني والدعم النفسي، تتسلل الجماعة تدريجيًا إلى تفاصيل الحياة اليومية للاجئ، لتبني ولاءً متدرجًا يتحول لاحقًا إلى انخراط في المشروع الإخواني.
واللاجئ، في هذه الحالة، لا ينظر إليه كإنسان يحتاج إلى إعادة بناء، بل كأداة يمكن تشكيلها أيديولوجيًا وخدمتها سياسيًا.
الجمعيات الخيرية كأذرع ناعمة
ولا تقف أدوات الجماعة عند المساجد، بل تمتد إلى الجمعيات الخيرية التي تعمل تحت مظلة العمل الإنساني، وتلك الجمعيات، التي تحظى أحيانًا بدعم رسمي أو دولي، تستغل كواجهات نظيفة لتمرير أجندات خفية، خلف تلك الأبواب، يعاد بناء مجتمع موازي يرفض قيم الدولة، ويغذي مشاعر التهميش، ويوفر أرضية خصبة لتطرف صامت يتطور بعيدًا عن أعين الرقابة.
خطاب مزدوج يهدد التماسك المجتمعي
وتعتمد الجماعة على خطاب مزدوج بدقة متقنة، فهي تدعي احترام القانون الأوروبي وتتبنى مفردات الديمقراطية في العلن، لكنها تزرع داخل أتباعها تصورات تعادي الغرب وتصور المجتمعات الأوروبية كعدو ثقافي وأخلاقي.
الخطاب المزدوج هو أخطر أدوات الإخوان في أوروبا، إذ يسمح لها بالبقاء في الظل مع الاستمرار في بناء نفوذ عميق داخل النسيج الاجتماعي للمسلمين في الغرب.
معركة الوعي قبل الأمن
رغم وعي بعض الحكومات بخطر الجماعة، فإن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي لمواجهة هذا التسلل الممنهج، المعركة الحقيقية تدور في حقل الوعي والثقافة، وتحتاج إلى مشروع مضاد يعزز مفهوم المواطنة، ويقطع الطريق أمام من يحاول استغلال الدين لبناء عزلة طائفية داخل المجتمعات الأوروبية.