ذات صلة

جمع

هل يسعى الحوثي لتكرار نموذج حزب الله في اليمن؟

مع استمرار الحرب في اليمن منذ أكثر من تسع...

البرهان.. الرجل الذي يطيل أمد الحرب

بات عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد...

بين إيران وروسيا وسوريا ولبنان.. كيف غيرت العقوبات الدولية ملامح الاقتصاد والسياسة؟

لعقود، شكّلت العقوبات الاقتصادية أحد أبرز أدوات السياسة الخارجية...

“الإخوان”.. من “مشروع النهضة” إلى لحظة الانكشاف الكامل

من مصر إلى ليبيا، ومن تونس إلى السودان، خاضت...

تحركات النهضة في ظل الأزمة الاقتصادية.. محاولة لإعادة التموضع السياسي

في ظل الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها تونس،...

البرهان.. الرجل الذي يطيل أمد الحرب

بات عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، في نظر كثيرين رمزًا لتأبيد الحرب وإطالة أمد المأساة، فمنذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، لم يُظهر الرجل أي مؤشرات على استعداد جاد لخوض عملية سياسية متكاملة، تُنهي الحرب وتفتح الباب أمام إعادة بناء الدولة.

رفض متكرر لأي تسوية سياسية شاملة

فالبرهان يرفض أي مفاوضات مباشرة مع قوات الدعم السريع، ويصر على اعتبارها “ميليشيا متمردة”، متجاهلًا الدعوات الدولية والأفريقية المتكررة للتفاوض، كان آخرها مبادرة دول الجوار ومباحثات جدة برعاية السعودية والولايات المتحدة، والتي انهارت أكثر من مرة بسبب تعنت الطرفين، وخاصة القيادة العسكرية الرسمية.

وفي هذا السياق، تعتبر استراتيجية البرهان عسكرية محضة، تفضل الحسم بالسلاح على التفاوض، وهو ما ساهم في استمرار الحرب، وتوسع رقعتها، وانهيار المؤسسات المدنية، وتعميق الشرخ الوطني بين المكونات السودانية.

تحالفات خارجية ومحلية مقلقة

ولا يخفى على الجميع أن بقاء البرهان في صدارة المشهد العسكري والسياسي، مدعومٌ بتحالفات مشبوهة مع أطراف إقليمية وأيديولوجية، وهو ما أشارت إليه تقارير متعددة، بما في ذلك منظمات بحثية دولية مثل “Crisis Group” و”مجموعة الأزمات الدولية”، عن وجود علاقات متزايدة بين البرهان وشبكات تابعة للإسلاميين، خاصة بقايا نظام عمر البشير، وتحديدًا جناح جماعة الإخوان المسلمين في السودان.

فتلك التحالفات ليست فقط سياسية، بل تمتد إلى المجال العسكري والإعلامي، حيث يجري إعادة تموضع بعض العناصر المؤدلجة داخل مؤسسات الجيش، وفي الحملات الدعائية المؤيدة للقيادة العسكرية، في مسعى لإعادة إنتاج مشروع الدولة الإخوانية المغلفة بالزي العسكري.

وعلى الصعيد الدولي، تشير تقارير إلى تواصل غير معلن بين البرهان وبعض الدول الساعية لفرض نفوذها في القرن الأفريقي، ما يضع علامات استفهام حول استقلالية القرار العسكري السوداني، ويفتح الباب لتدويل الأزمة بشكل أعمق.

بالطبع، إليك الجزء المُضاف حول علاقة عبد الفتاح البرهان بجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا بشخصية علي كرتي، في سياق التقرير السابق، مع تضمينه ضمن العنوان الفرعي المناسب وبنفس الأسلوب التحليلي:

البرهان والإخوان.. تحالف قديم يتجدد

ومن بين أبرز ملامح المشهد السياسي السوداني اليوم، عودة جماعة الإخوان المسلمين، أو ما يُعرف محليًا بـ”التيار الإسلامي”، إلى الساحة من بوابة التحالف مع القيادة العسكرية، وعلى رأسها عبد الفتاح البرهان.

وتبرز في هذا السياق شخصية علي كرتي، وزير الخارجية الأسبق في عهد عمر البشير، كأحد العقول المدبرة لعودة الإخوان إلى مركز الفعل السياسي، حيث تشير تقارير متعددة وتحقيقات صحفية سودانية مستقلة، إلى أن كرتي بات يُمارس دورًا تنسيقيًا بين القيادات الإسلامية وشبكة المصالح داخل الجيش، بما في ذلك عناصر نافذة في هيئة العمليات والاستخبارات.

وتتهم قوى مدنية سودانية كرتي بأنه “رجل الظل” في المرحلة الانتقالية العسكرية، إذ لم تتخذ قيادة البرهان أي إجراءات حقيقية ضده، رغم إعلان تجميد نشاطه مرارًا، ووجود قرارات أممية تطالب بالتحقيق في أدواره المالية والسياسية.

ورغم تعهدات البرهان أمام المجتمع الدولي بإقصاء رموز النظام السابق، فإن السلوك السياسي الفعلي يشير إلى إعادة تدوير تلك الرموز، بل وتمكينها في مفاصل الدولة تحت غطاء “استعادة هيبة الدولة”. وهذا يعزز المخاوف من تحول الجيش إلى واجهة جديدة لحكم الإخوان بلباس عسكري.

وبذلك، يتأكد أن التحالف بين البرهان والإخوان، وخاصة عبر علي كرتي، ليس مجرد توافق عابر، بل تحالف استراتيجي يهدف إلى منع أي تحول ديمقراطي حقيقي، وإعادة إنتاج بنية السلطة القديمة بصيغة أكثر تشددًا.

مأساة إنسانية بلا أفق.. والبرهان يلوذ بالصمت

وفي الخرطوم، يعيش السودانيون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفق تقديرات الأمم المتحدة، فأكثر من 10 ملايين نازح، وقرابة 25 مليون شخص بحاجة لمساعدات عاجلة، مع انهيار شامل في النظام الصحي، والتعليم، وغياب الغذاء والدواء.

ورغم هذه الصورة الكارثية، فإن خطاب البرهان ومسؤوليه العسكريين يخلو من أي خطة واضحة لإغاثة المدنيين أو ضمان وصول المساعدات، بل إن بعض المنظمات الدولية، مثل: “أطباء بلا حدود” و”الصليب الأحمر”، اشتكت من عرقلة الجيش السوداني لقوافل الإغاثة في بعض المناطق، خاصة تلك التي شهدت اشتباكات مكثفة.

وفي المقابل، يستثمر البرهان هذه الكارثة في تعزيز خطابه الأمني، متمسكًا بأنه يقود “معركة من أجل وحدة السودان”، في وقت يتآكل فيه النسيج الوطني، وتنزف فيه البلاد على وقع الانقسامات والانتهاكات والانهيارات المتتالية.

هل يقود البرهان السودان إلى التقسيم؟

لذا فالسؤال الذي يفرض نفسه اليوم في مراكز التفكير الإقليمي والدولي: هل السودان على شفا التقسيم؟؛ فالإجابة ليست بعيدة عن الواقع، فمن الناحية الميدانية، تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في غرب البلاد، وخاصة دارفور، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على أجزاء من الوسط والشرق والشمال.

وهذا الانقسام الجغرافي الفعلي، يترافق مع انقسام مؤسساتي ومجتمعي، قد يُؤسس لكيانات متوازية غير خاضعة للسلطة المركزية، في سيناريو مشابه لما حدث في ليبيا أو اليمن.

أما البرهان، فبتمسكه بالحل العسكري، وتجاهله التام للكارثة الإنسانية، وتحالفه مع قوى معيقة للتحول الديمقراطي، فإنه يساهم – فعليًا – في تثبيت معادلة التقسيم، سواء بشكل مقصود أو بحكم المسار السياسي المنغلق.

البرهان من رجل الدولة إلى رجل الحرب

وربما دخل عبد الفتاح البرهان إلى المشهد السوداني بزي المنقذ، حين عزل البشير في 2019، لكنه اليوم بات في نظر كثير من السودانيين رجل الحرب لا رجل الدولة، فسياساته القائمة على العناد العسكري والتحالفات العقائدية تُعيد البلاد إلى دائرة العنف الدائم، بينما تترنح الدولة على أعتاب الانهيار الكامل.

ولعل الأخطر هو أن استمرار هذا النهج، دون ضغط دولي حقيقي أو موقف شعبي موحد، قد يجعل السودان يتجه فعليًا نحو تفكك كارثي يصعب تداركه، في ظل صمت إقليمي، وتعب عالمي أنهكته أزمات أخرى.

spot_img