ذات صلة

جمع

تحركات النهضة في ظل الأزمة الاقتصادية.. محاولة لإعادة التموضع السياسي

في ظل الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها تونس،...

الإخوان في ليبيا.. أجندة التخفي والعودة من الباب الخلفي

تعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى الواجهة الليبية بأساليب أكثر...

الإخوان بعد الغياب.. هل انتهت الجماعة أم تتشكل من جديد؟

تشهد جماعة الإخوان المسلمين واحدة من أسوأ أزماتها التنظيمية...

جيل الحرب في السودان.. أطفال لا يعرفون السلام

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، يعيش...

إسرائيل تستعد للهجوم على إيران رغم التحذيرات الأميركية.. كيف ستكون سيناريوهات الحرب؟

بينما تتصاعد التوترات النووية في الشرق الأوسط وتبدو المحادثات...

الإخوان بعد الغياب.. هل انتهت الجماعة أم تتشكل من جديد؟

تشهد جماعة الإخوان المسلمين واحدة من أسوأ أزماتها التنظيمية منذ تأسيسها عام 1928، في ظل غياب قيادة واضحة بعد انقسام الصفوف بين جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين، ثم وفاة منير في 2022.

غياب قيادة واضحة يهدد استمرارية الجماعة

وأكد مراقبون، أن هذا الفراغ القيادي أدى إلى تشتت القواعد وتآكل التأثير، خاصة في ظل غياب مرجعية موحدة تجمع الأعضاء على رؤية أو مشروع سياسي متماسك.

ولا يعني غياب القيادة فقط فوضى تنظيمية، بل يعكس أزمة أيديولوجية داخل الجماعة التي لم تستطع منذ 2013 إنتاج خطاب جديد يتناسب مع التحولات السياسية في المنطقة، أو تقديم مراجعات فكرية حقيقية بعد سقوط تجربتها في الحكم في مصر.

تراجع الحضور السياسي في العالم العربي

وخلال العقد الأخير، تراجع الحضور السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي بشكل لافت، ففي مصر، انتهت فعليًا مشاركة الجماعة في المشهد العام بعد تصنيفها كجماعة إرهابية، وحظر نشاطها وتجفيف منابعها السياسية والمالية.

وفي دول أخرى مثل: الأردن والمغرب وتونس، تعرضت الجماعة وأذرعها السياسية لضغوط متباينة أسفرت عن تراجع حاد في التأثير الشعبي والمؤسساتي.

وفي تونس، انهار مشروع النهضة بقيادة راشد الغنوشي بعد الاحتجاجات الشعبية وقرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية.

أما في المغرب، فشهد حزب العدالة والتنمية المرتبط بالجماعة هزيمة ساحقة في انتخابات 2021؛ مما فاقم من تآكل نفوذ الإخوان على الساحة السياسية.

إعادة التموضع الإعلامي.. محاولة أخيرة للبقاء

وفي ظل هذا التراجع، تسعى الجماعة إلى إعادة التموضع الإعلامي من خلال استثمار المنصات الرقمية، والترويج لخطاب المظلومية، لا سيما في المنفى، وتوظف الإخوان قنوات فضائية، مثل: “مكملين” و”الشرق”، ومنصات التواصل الاجتماعي في محاولة لإبقاء تأثيرها حاضرًا ولو بشكل رمزي، خاصة بين الشباب والشتات.

لكن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها فقدان المصداقية لدى قطاعات واسعة من الرأي العام، وتزايد الرقابة الإقليمية والدولية على المحتوى الذي يُتهم أحيانًا بالتحريض أو التزييف.

الهجمات الإرهابية وتجدد التصنيف تعيد الإخوان إلى الواجهة

فيما أعاد هجوم بولدر الإرهابي في كولورادو الجدل حول الجماعة إلى الساحة الأميركية، بعد اتهام منفذ الهجوم محمد سليمان بتأثره بخطابات أيديولوجية قريبة من طرح الإخوان، وردًا على ذلك، أعلن السيناتور تيد كروز عن عزمه إعادة طرح مشروع قانون لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، وهو ما يعيد الجماعة إلى دائرة الاستهداف الرسمي، لا سيما في ظل إدارة ترامب التي تولي هذا الملف أولوية أمنية.

وتشير هذه التطورات إلى أن الجماعة لم تعد مجرد كيان محلي يخص مصر أو الدول العربية، بل باتت تُنظر إليها كحالة أمنية دولية، مرتبطة بالإيديولوجيا العابرة للحدود، ومحط متابعة من أجهزة استخبارات غربية.

هل انتهت جماعة الإخوان المسلمين فعلاً؟

ورغم التراجع الحاد في النفوذ السياسي والتنظيمي، من المبكر إعلان نهاية جماعة الإخوان المسلمين، فالحركات العقائدية لا تموت بسهولة، خاصة تلك التي تمتلك جذورًا اجتماعية وشبكات تمويل خارجية وعقيدة أيديولوجية ممتدة، إلا أن الجماعة في وضعها الحالي ليست كما كانت، وهي تواجه تحديًا وجوديًا حقيقيًا: إما أن تعيد تعريف نفسها بعيدًا عن شعارات الماضي، أو أن تتآكل تدريجيًا وتتحول إلى حالة رمزية.

لذا فالرهان على مستقبل الإخوان يمر عبر ثلاثة مسارات: أولاً، قدرتها على تجاوز الانقسامات الداخلية وصياغة قيادة موحدة، وثانيًا، استعدادها لإعادة مراجعة خطابها السياسي والديني، وثالثًا، تعاملها مع السياق الدولي المتغير، خاصة بعد تصاعد الأصوات المطالبة بتصنيفها جماعة إرهابية.

مصير الإخوان بين الانكماش والتشكل من جديد

وفي النهاية، يبدو أن مصير جماعة الإخوان المسلمين يتراوح بين الانكماش والانقراض التنظيمي أو التشكل من جديد بشكل مختلف، ولكن أي تحول فعلي سيكون مشروطًا بقدرة الجماعة على الاعتراف بأخطائها وفهم المتغيرات الكبرى في العالم العربي والعالم، فاللحظة الراهنة ليست فقط لحظة انحسار، بل فرصة نادرة للانبعاث أو الاختفاء التام من المشهد.

spot_img