في تطور خطير يعمّق الأزمة السودانية، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية محظورة دوليًا ضد المدنيين في مناطق متعددة، أبرزها مليط، الكومة، والخرطوم.
ووفق بيان صادر عن “الدعم السريع”، فإن هذه الأسلحة تسببت في مقتل آلاف المدنيين حرقًا واختناقًا، وسط تجاهل رسمي لما وصف بأنه جريمة إبادة جماعية وخرق لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
تحقيقات ميدانية تكشف أدلة صادمة
وكشف البيان، أن فحوصًا بيئية أُجريت على التربة وبقايا الجثامين، أظهرت وجود مركبات كيميائية سامة، يُعتقد أنها السبب وراء تصاعد أعداد الضحايا في مناطق النزاع.
كما نُشر عدد من مقاطع الفيديو التي توثق عناصر من الجيش السوداني وهم يعرضون أسلحة مشبوهة، في مشاهد تثير القلق حول طبيعة التكتيكات العسكرية المستخدمة.
“الدعم السريع”: البرهان وجيشه مسؤولون عن جرائم ضد الإنسانية
ووصفت قوات الدعم السريع الجيش السوداني، بأنه “جيش الحركة الإسلامية الإرهابية”، واتهمت اللواء البراء بن مالك، التابع لقوات بورتسودان، بإدارة عمليات استخدام هذه الأسلحة الكيميائية بتوجيه مباشر من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وبمشاركة خبراء أجانب لم تُكشف جنسياتهم حتى الآن.
ردود فعل دولية وتحركات محتملة
والمثير أن مصادر دولية في الولايات المتحدة وبريطانيا أكدت متابعتها لهذه الانتهاكات، مشيرة إلى شهادات صحفيين أجانب تمت دعوتهم من قبل جهات مرتبطة بالنظام، وشاهدوا أدلة مباشرة على استخدام هذه الأسلحة.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع عقوبات أمريكية فرضت مؤخرًا على قيادات عسكرية سودانية، يُعتقد أن هذه الاتهامات شكلت جزءًا من مبرراتها.
وشمل التحقيق مناطق واسعة في دارفور، الخرطوم، وحتى محيط القصر الجمهوري، ما دفع قوات الدعم السريع إلى التحذير من كارثة بيئية وصحية تهدد مستقبل السودان، في ظل استمرار الصراع وغياب أي بوادر لحل سياسي شامل.
دعوات لتحقيق دولي عاجل
لذا طالبت “الدعم السريع” المجتمع الدولي بفتح تحقيق مستقل وشامل في هذه المزاعم، وتقديم المسؤولين إلى العدالة، وعلى رأسهم عبد الفتاح البرهان، معتبرة أن ما يجري هو “جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان”.
جدير بالذكر أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1997، تحظر استخدام هذه الأسلحة تحت أي ظرف، ويعدّ خرقها جريمة بموجب القانون الدولي، ويحق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) فتح تحقيق مستقل.
وانضم السودان إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 1999، مما يضع على عاتقه التزامات قانونية صارمة في هذا الصدد.
وفي وقائع مشابهة، استخدمت الأمم المتحدة فرق تفتيش للتحقق من استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا والعراق، مما قد يشكل سابقة في حال طلبت الدول فتح تحقيق دولي في السودان.
وهو ما يثبت أنه ما بين صمت رسمي واتهامات دامغة، تبقى الحقيقة رهينة تحقيقات مستقلة قد تُغير مسار الحرب في السودان، وتفتح الباب لمساءلة دولية طال انتظارها.