ذات صلة

جمع

شبكات الإخوان في فرنسا.. تغلغل ناعم يهدد الهوية الوطنية

في وقت تنشغل فيه الدولة الفرنسية بقضايا مركزية كإعادة...

نساء تعز يتقدمن الصفوف.. تمرد مدني على هيمنة الإخوان

من أجل كسر جدار الخوف والخذلان الذي راكمته سنوات...

ليبيا تقترب من لحظة الانفجار.. حراك غاضب يهدد عرش الدبيبة وتحالفات الإخوان

تشهد العاصمة الليبية طرابلس وعدد من مدن الغرب الليبي...

فرنسا تحذّر من اختراقٍ إخواني صامت.. خطة أمنية للتصدي للتمدد من الداخل

ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الأربعاء، اجتماعًا عالي...

شبكات الإخوان في فرنسا.. تغلغل ناعم يهدد الهوية الوطنية

في وقت تنشغل فيه الدولة الفرنسية بقضايا مركزية كإعادة تشكيل المشهد السياسي بعد حل الجمعية الوطنية، يتشكل في الظل مشروع آخر لا تقل خطورته عن تحديات الأمن والسياسة، مشروع الإسلام السياسي بنسختيه الإخوانية والسلفية.

هذه المرة، لا يتسلل عبر المواجهة أو الخطابات العلنية، بل يتغلغل بهدوء داخل الشوارع والأحياء، من خلال الجمعيات والمساجد والمدارس الخاصة، ليبني منظومة موازية في مدن رئيسية مثل ليل وليون ومرسيليا.

تقرير استخباراتي فرنسي من 74 صفحة، كشفت صحيفة “لوفيغارو” بعضًا من مضمونه، يؤكد أن الإسلام السياسي بات أكثر تنظيمًا وتماسكًا، عبر شبكات جمعوية وتعليمية ودينية، تسعى إلى السيطرة على مفاصل التأثير المحلي، في غياب استراتيجي للدولة عن بعض الأحياء الهشة.

نفوذ إخواني منظم في مدينة ليل

في مدينة ليل الواقعة شمالي فرنسا، ترصد الوثيقة الأمنية وجود شبكة متكاملة من الكيانات المرتبطة بجماعة الإخوان، يقف مسجد ليل الكبير في قلب هذه المنظومة، مدعومًا من جمعيات مثل الرابطة الإسلامية الشمالية ومركز المدينة الإسلامي، التي تشكل معًا بنية تحتية تخدم التوسع الإخواني.

وتمتد هذه الشبكة إلى التعليم عبر مدرسة ابن رشد، التي تستوعب 800 طالب، ويديرها قيادي في منظمة مسلمو فرنسا، ويشير التقرير إلى أن نحو 30 شخصية محلية تحتل مواقع مؤثرة في المؤسسات، ما يكشف عن قدرة التنظيم على اختراق القرار المحلي دون صدام مباشر مع الدولة.

ليون.. بؤرة فكرية متجذرة

في الجنوب الشرقي، وتحديدًا في ليون، يجد الإسلام السياسي بيئة خصبة أخرى، وهناك، تنشط جمعيات تاريخية مثل اتحاد الشباب المسلمين، المتأثر بأفكار طارق رمضان، ومسجد عثمان الكبير، ومركز ديسين الثقافي، وتضم المنطقة نحو 94 جمعية، تتنوع أنشطتها بين التعليم والدين والخدمات الاجتماعية.

ويكشف التقرير أن تأثير هذه الكيانات بات ملموسًا في السلوكيات العامة، خاصة مع انتشار مظاهر التدين المتشدد في المدارس والشوارع، ما يخلق احتكاكًا مع مؤسسات اجتماعية تتبنى سياسة اندماجية أكثر انفتاحًا.

مرسيليا.. دعم سياسي وتغلغل مجتمعي

أما مرسيليا، المدينة المتوسطية ذات التركيبة السكانية المعقدة، فقد أصبحت نموذجًا لتزاوج الإسلام السياسي مع الدعم السياسي المحلي.

ويظهر هذا جليًا في “المركز الإسلامي لمرسيليا”، الذي يضم مسجدًا ومدرسة وعدة جمعيات، وتمكن من توطيد علاقاته مع منتخبين محليين للحصول على امتيازات تنظيمية.

وفي موازاة ذلك، يبرز معهد “مسلم دي بلوه” الذي يديره داعية سلفي له جذور إخوانية، ويقدم خدمات تعليمية ودعوية واسعة، مدعومة بتبرعات مجتمعية تجمع بشكل دوري.

الأطفال في قلب المعركة الثقافية

أحد أبرز مؤشرات الاختراق، حسب التقرير، يتمثل في ظاهرة تغطية الفتيات القاصرات بالحجاب في سن مبكرة.

هذا السلوك، الذي بدأ ينتشر بشكل أوسع، لا يأتي من فراغ بل تغذيه شبكات سلفية وإخوانية تسعى إلى تكوين أجيال تتماهى مع مشروعها الثقافي والديني.

تحذيرات استراتيجية وتحليلات مقلقة

الباحث أوليفييه روا يرى أن الدولة تركت فراغًا ملأته هذه الشبكات بذكاء، بينما يشير ألكسندر دلفال إلى وجود مشروع تمكين متكامل، يعيد تدوير الخطاب ويكيفه محليًا لخدمة أهداف سياسية مغلفة بخدمات اجتماعية.

التقرير ليس مجرد رصد استخباراتي، بل يعد بمثابة تحذير استراتيجي من تكوين بنية فكرية ودينية موازية، قد تؤدي في المستقبل القريب إلى صدام مع قيم الجمهورية الفرنسية، ما لم تتم معالجتها عبر تدخلات شاملة تتجاوز الحلول الأمنية والقانونية.

spot_img