ذات صلة

جمع

الحوثيون يراجعون حساباتهم.. ما الذي دفعهم للتراجع أمام أمريكا؟

في ضوء إعلان الحوثيين وقف هجماتهم على سفن الشحن...

كيف أجّجت الطائرات الإيرانية والتركية نيران الحرب في السودان؟

لعبت الطائرات المسيّرة التي حصل عليها الجيش السوداني من...

نهب ميناء طرابلس.. شريان العاصمة يغلق وسط صدمة شعبية وتنديد سياسي

في تطور خطير يعكس هشاشة الوضع الأمني في العاصمة...

مقتل زكريا السنوار وأبنائه في غزة.. ضربة رمزية أم بداية لانهيار قيادة حماس؟

شن الجيش الإسرائيلي، ليلة أمس، هجومًا واسعًا على مناطق...

الحوثيون يراجعون حساباتهم.. ما الذي دفعهم للتراجع أمام أمريكا؟

في ضوء إعلان الحوثيين وقف هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، أثار ذلك تساؤلات حيوية حول مدى فاعلية القوة الجوية كعنصر حاسم في النزاعات البحرية غير النظامية، خاصة بعد أشهر من العمليات الأمريكية والبريطانية المكثفة ضد مواقع الجماعة اليمنية.

وفي تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، قدّم الخبير العسكري جيمس هولمز، رئيس قسم الاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية، قراءة تحليلية حول هذه النقطة، مشيرًا إلى أن الانتصار من الجو قد يكون ممكنًا، لكن بشروط.

الضربات الجوية لا تصنع سلامًا دائمًا

ويرى هولمز، أن القصف الجوي وحده لا يحقق السيطرة الفعلية على الأرض، وهو ما يتفق مع رؤية الأدميرال الأمريكي الراحل “جيه. سي. ويلي”، الذي شدد على أن “الرجل في الميدان هو من يصنع الحسم”، أي أن الجندي الموجود فعليًا على الأرض هو من يحقق النصر الحقيقي، لا الصواريخ الذكية ولا الطائرات المسيّرة وحدها.

ويستشهد هولمز بمبدأ عسكري كلاسيكي من الخبير البروسي كارل فون كلاوزفيتز، الذي اعتبر أن “العملية الحاسمة هي تلك التي تؤدي مباشرة إلى السلام”، ومن هذا المنطلق، فإن العمليات الجوية ضد الحوثيين، رغم أنها كبّدتهم خسائر فادحة في البنية التحتية، لم تُفضِ إلى نهاية الحرب أو حتى إلى تهدئة دائمة.

قرار الحوثيين.. هل هو مناورة تكتيكية؟

ورغم توقف الحوثيين عن استهداف السفن، أكد المتحدث باسم الجماعة استمرار هجماتهم ضد إسرائيل، ما يوضح أن قرارهم لم يكن نتيجة استسلام أو تسوية، بل مراجعة تكتيكية لحسابات المعركة.

ويشير هولمز أن الضربات الجوية ربما أجبرت الحوثيين على تحجيم جزء من عملياتهم، نظرًا للكلفة الكبيرة مقابل عائد سياسي ضئيل في الضغط على إسرائيل، وهو ما يجعل توقفهم عن استهداف السفن تحركًا مدفوعًا بمنطق “التكلفة والجدوى” الذي طرحه كلاوزفيتز، وليس خضوعًا لردع شامل.

منطق الحروب

وفي تحليله، يوضح هولمز أن الأطراف المتحاربة عادة ما تعيد تقييم أهدافها وفقًا لحجم الموارد التي تُستهلك من أجل تحقيقها، وعندما تصبح الكلفة أكبر من العائد السياسي، يميل القادة إلى “تقليص الخسائر”.

وبالنسبة للحوثيين، فإن الاستمرار في استهداف سفن الشحن، رغم تكلفته العالية وعدم تأثيره المباشر على إسرائيل، لم يعد مجديًا عسكريًا، لذا، ربما جاءت الهدنة الأخيرة كخطوة لإعادة توزيع الجهد العسكري على جبهات أكثر تأثيرًا.

هل كانت القوة الجوية حاسمة؟

ويختم هولمز تحليله بالتأكيد أن الطائرات والصواريخ لعبت دورًا محوريًا في تغيير حسابات الحوثيين، لكن ذلك لا يعني أنها حسمت الحرب، فحتى الآن، لم يتحقق سلام دائم، ولم يتوقف القتال على جبهات أخرى، ما يجعل ما جرى نقطة تحول تكتيكية وليست استراتيجية.

الضربات الأمريكية والبريطانية وأثرها العسكري

ومنذ ديسمبر 2023، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا عشرات الضربات الجوية على أهداف حوثية، شملت مواقع لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومنصات إطلاق، ورغم ذلك، واصلت الجماعة تنفيذ هجمات باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية حتى أوائل مايو 2025.

وقد أظهر التباطؤ الأخير في الهجمات الحوثية تحولًا في نمط العمليات، لكن لم تؤكد أي جهة رسمية وقفًا شاملًا لإطلاق النار، كما لم تجرِ مفاوضات معلنة بشأن تسوية سياسية، ما يضع علامات استفهام حول مدى استدامة هذه التهدئة.

هل يفرض الجو السلام؟

وتوضح الحالة اليمنية، أن القوة الجوية قادرة على تقييد تحركات الجماعات المسلحة وإجبارها على مراجعة حساباتها، لكنها ليست كافية وحدها لتحقيق السلام أو إنهاء الصراعات، فالحرب، بحسب هولمز وكلاوزفيتز، لا تُحسم إلا عندما يتغير واقع الأرض، لا فقط السماء.

spot_img