لعبت الطائرات المسيّرة التي حصل عليها الجيش السوداني من إيران وتركيا دورًا محوريًا في ترجيح كفته في المعارك الأخيرة، خاصة خلال عملية السيطرة على الخرطوم قبل أسابيع، حسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
مسيّرات تركية وإيرانية قلبت المعادلة
ومنذ يونيو 2024، بدأ الجيش السوداني في تسلم طائرات “بيرقدار TB2” التركية، وهي الطراز نفسه الذي ساهم في حسم المعركة لصالح القوات الإثيوبية في حرب تيغراي، بحسب ما أفاد به ويم زوينينبورغ، رئيس مشروع نزع السلاح الإنساني في منظمة PAX الهولندية.
وفي المراحل الأخيرة من المعارك التي سبقت السيطرة على العاصمة، استخدم الجيش السوداني طائرات تركية وإيرانية مسيّرة، من بينها طائرات “مهاجر-6” الإيرانية القادرة على إطلاق قنابل موجهة؛ مما ساعد في قلب ميزان القوى على الأرض.
من الخرطوم إلى دارفور.. تصعيد دموي بطائرات بلا طيار
ورغم استعادة الخرطوم، لم تعنِ هذه الخطوة نهاية الحرب، فقد حذّرت الأمم المتحدة من أن خطر المجاعة بات وشيكًا، مع استمرار القتال وتفاقم الكارثة الإنسانية.
وتكشفت تقارير عن استخدام مكثف للطائرات المسيّرة في قصف مناطق مدنية، خاصة في دارفور وولاية الجزيرة؛ ما أدى إلى مقتل الآلاف، كان أبرزها مجزرة سوق طرة في شمال دارفور التي راح ضحيتها 300 مدني في يوم واحد.
دعم تركي متعدد الأوجه
وتزامن الدعم العسكري مع مؤشرات على تعاون سياسي واقتصادي أعمق، فقد رصد موقع تتبع الرحلات الجوية “Flightradar24” وصول طائرتي شحن تركيتين إلى مطار بورتسودان في 26 أبريل 2025، قادمتين من مطاري “Kayseri” و”Tekirdag”، بعد لقاء جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة.
وتعهد أردوغان – خلال اللقاء- بمشاركة تركية فاعلة في إعادة إعمار السودان “بعد أن تضع الحرب أوزارها”، بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية.
ولم يقتصر الدعم التركي على الشحنات العسكرية، بل شمل أيضًا توفير ملاذات آمنة لقيادات إخوانية سودانية مؤثرة داخل الجيش، ويتهم ناشطون سودانيون الفريق البرهان بالسماح لأنقرة بالتغلغل في مفاصل الدولة، من خلال منحها امتيازات اقتصادية واستثمارية مقابل الدعم العسكري.
سلاح الجو غير التقليدي يغيّر ملامح الصراع
وسبق لصحيفة “واشنطن بوست” أن كشفت عن تورط شركة أسلحة تركية في إرسال شحنات سرية من المسيّرات والصواريخ إلى السودان، ما اعتبرته الصحيفة عاملاً مؤججًا للصراع المستمر.
ومع دخول الطائرات الإيرانية والتركية ساحة المعركة، ارتفعت وتيرة العنف إلى مستويات غير مسبوقة؛ إذ باتت أعداد الضحايا التي كانت تُسجل شهريًا في بداية الحرب تُسجل يوميًا في 2025.
وتكشف تطورات الصراع في السودان كيف يمكن للتكنولوجيا العسكرية غير التقليدية، مثل الطائرات المسيّرة، أن تعيد رسم ملامح الحروب الداخلية، وقد أصبح الدعم الخارجي، التركي والإيراني تحديدًا، عنصرًا أساسيًا في استمرار الصراع وتعقيده، بينما يبقى المدنيون هم الخاسر الأكبر.