انطلقت في العاصمة العراقية بغداد أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين بمشاركة قادة وزعماء عرب وأطراف دولية، وعلى رأس جدول الأعمال جاءت التطورات المأساوية في قطاع غزة، وسط دعوات متزايدة لوقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية.
افتتح الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد القمة برسالة شددت على التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة، مؤكدًا أن الغاية الأسمى من هذا الاجتماع هي توحيد المواقف العربية في ظل الأزمات المتفاقمة.
رشيد أشار إلى أهمية تغليب المصالح الوطنية والعمل العربي المشترك، بعد أسابيع قليلة من القمة الاستثنائية التي عقدت في القاهرة في أعقاب التصعيد العسكري في غزة.
في سياق متصل، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإدارة الأميركية إلى تحمل مسؤولياتها، مطالبًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام نفوذه للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.
وقال السيسي من بغداد: إن “السلام الحقيقي يبدأ بوقف القتل وإنهاء الحصار وإطلاق عملية سياسية جدية ترعاها واشنطن”.
دعوات دولية للسلام ورفض واسع للتهجير
لم تقتصر القمة على الزعماء العرب فقط، بل شهدت مشاركة فاعلة من شخصيات دولية أبرزها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وجه رسالة قوية ضد التهجير المستمر للفلسطينيين.
واعتبر غوتيريش، أن ما يجري في غزة لا يمكن تبريره، وأن العذاب الجماعي للشعب الفلسطيني مرفوض بكل المقاييس، داعيًا إلى احترام القانون الدولي الإنساني.
من جانبه، أطلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز مواقف متقدمة تجاه الأزمة، قائلاً: إن “ما يحدث في غزة هو كارثة إنسانية لا يمكن التغاضي عنها”، واقترح خطة من أربع أولويات، تبدأ بوقف العنف، مرورًا بتكثيف الضغط الدولي على إسرائيل، وصولاً إلى إطلاق عملية سلام وتعزيز الحوار الأوروبي العربي الإسلامي، وأكد التزام بلاده الكامل بالسعي إلى حل سياسي عادل.
بينما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فدعا إلى تبني خطة عربية شاملة لإنهاء الحرب، تتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، وضمان تدفق المساعدات، مشددًا على ضرورة انسحاب إسرائيل من القطاع وإطلاق مسار سياسي ينتهي بقيام دولة فلسطينية معترف بها دولياً.
لبنان يحذر من التهجير ويؤكد على الإصلاح والسيادة
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، وخلال كلمته، شدد على موقف بلاده الرافض بشكل قاطع لأي محاولة لنقل أو تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم، وذكر بأن لبنان رغم التحديات الداخلية، ما يزال ثابتًا في التزامه دعم القضية الفلسطينية، منددًا بما وصفه بـ”السياسة الإسرائيلية القائمة على القتل الممنهج”.
كما أشار سلام أن لبنان يمضي في مسار إصلاحي داخلي متكامل، بالتوازي مع تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، لاسيما القرار 1701، داعيًا الدول العربية إلى دعم بلاده في هذه المرحلة الدقيقة.
وشدد على أن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب اللبناني تمثل انتهاكًا فاضحًا للسيادة، مطالبًا المجتمع الدولي بضرورة التحرك.
ختام القمة يحمل ملامح موقف عربي متماسك
رغم اختلاف المقاربات وتباين بعض المواقف، أظهرت قمة بغداد تقاربًا عربيًا غير مسبوق حول القضية الفلسطينية، مع تركيز واضح على وقف القتال وتدفق المساعدات الإنسانية وتفعيل مسارات السلام.