تشهد ليبيا في الآونة الأخيرة تصاعدًا في التوترات الأمنية والسياسية؛ مما يثير تساؤلات حول مستقبل البلاد وإمكانية تحقيق استقرار دائم من خلال الانتخابات.
هشاشة الوضع الأمني
واندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة طرابلس، بدأت باغتيال عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، وتلت ذلك مواجهات بين ميليشيات “اللواء 444” و”قوة الردع الخاصة”، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية، بما في ذلك تدمير ممتلكات عامة وخاصة.
كما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وقف إطلاق النار ونشرت وحدات أمنية “محايدة” لتهدئة الوضع، إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع اندلاع احتجاجات في مناطق مثل سوق الجمعة، حيث أعرب المواطنون عن استيائهم من تدهور الأوضاع الأمنية.
جهود متعثرة نحو الاستقرار
وتسعى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى دفع العملية السياسية في ليبيا نحو إجراء انتخابات، وتم تشكيل لجنة فنية للنظر في التعديلات الدستورية اللازمة، بمشاركة رؤساء المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.
إلا أن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، منها الانقسامات الداخلية، ورفض بعض الأطراف للمبادرات الدولية، والتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية.
وتُعد الميليشيات المسلحة أحد أبرز التحديات التي تواجه ليبيا في سعيها نحو الاستقرار. تتمتع هذه الجماعات بنفوذ كبير، وغالبًا ما تتصرف خارج إطار الدولة؛ مما يقوض جهود الحكومة في فرض سيطرتها وبناء مؤسسات قوية.
والاشتباكات الأخيرة في طرابلس تُبرز مدى تعقيد الوضع الأمني، وتُظهر الحاجة الماسة إلى خطة شاملة لنزع سلاح الميليشيات ودمجها في المؤسسات الأمنية الرسمية.
الانتخابات أمل في الاستقرار أم خطوة نحو مزيد من الانقسام؟
ورغم الدعوات المتكررة لإجراء انتخابات، ما تزال هناك مخاوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من الانقسام إذا لم تُجرَ في بيئة آمنة ومستقرة، ويشير بعض المحللين أن إجراء انتخابات دون معالجة القضايا الأمنية والسياسية الأساسية قد يُفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
لذا تواجه ليبيا تحديات معقدة تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف، داخليًا ودوليًا، لتحقيق الاستقرار، ويجب أن تركز الجهود على بناء مؤسسات قوية، ونزع سلاح الميليشيات، وتعزيز الوحدة الوطنية، لضمان نجاح العملية الانتخابية وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في السلام والازدهار.
