ذات صلة

جمع

دولة في الظل.. كيف أعاد الإخوان اختراق مفاصل الحكم عبر بوابة البرهان؟

في ظل تصاعد الأحداث في السودان، تتجه الأنظار نحو...

وسط التوترات الإقليمية.. ماذا تحمل زيارة ترامب للسعودية من رسائل وأهداف؟

في خضم تصاعد الأزمات الإقليمية، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد...

مقتله تسبب في اشتباكات عنيفة بطرابلس.. من هو عبد الغني الككلي “غنيوة”؟

شهدت العاصمة الليبية طرابلس، خلال الساعات الماضية، اشتباكات عنيفة...

خلايا في الظل.. كيف يجند الإخوان أتباعهم في أوروبا؟

وسط مدن أوروبية تنعم بالاستقرار، تنشط جماعة الإخوان في...

من صواريخ إلى الخردة.. قادة حوثيون يتصارعون على أنقاض مطار صنعاء

في ظل التصعيد الإقليمي الأخير، كشفت مصادر مطلعة في...

دولة في الظل.. كيف أعاد الإخوان اختراق مفاصل الحكم عبر بوابة البرهان؟

في ظل تصاعد الأحداث في السودان، تتجه الأنظار نحو العلاقة المعقدة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، وتثير هذه العلاقة تساؤلات حول مدى تأثير الإخوان على مفاصل الحكم في البلاد، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين والتطورات السياسية والعسكرية الأخيرة.

الجيش السوداني والإخوان بين الشراكة والصراع

ومنذ الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، سعت جماعة الإخوان المسلمين إلى إعادة ترتيب صفوفها والتأثير على المشهد السياسي السوداني، وتشير تقارير أن الجماعة حاولت التغلغل في المؤسسات الحكومية والعسكرية، مستفيدة من علاقاتها السابقة داخل الجيش.

وفي المقابل، نفى البرهان مرارًا وجود أي علاقة بين الجيش والإخوان، مؤكدًا استقلالية المؤسسة العسكرية، إلا أن تصريحات بعض قادة الإخوان، مثل عبد الحي يوسف، التي نسبت انتصارات الجيش إلى المقاومة الشعبية التابعة للحركة الإسلامية، أثارت جدلاً واسعًا.

الاختراق المؤسسي

وأكدت أن جماعة الإخوان المسلمين تمكنت من اختراق بعض مفاصل الجيش السوداني، مستفيدة من علاقاتها السابقة داخل المؤسسة العسكرية، وهذا الاختراق أثار مخاوف من تأثير الجماعة على قرارات الجيش وتوجهاته.

وفي المقابل، نفى البرهان مرارًا وجود أي علاقة بين الجيش والإخوان، مؤكدًا استقلالية المؤسسة العسكرية، إلا أن تصريحات بعض قادة الإخوان، مثل عبد الحي يوسف، التي نسبت انتصارات الجيش إلى المقاومة الشعبية التابعة للحركة الإسلامية، أثارت جدلاً واسعًا.

وفي محاولة لتعزيز موقفه الدولي، قام البرهان بإرسال مبعوثه الفريق الصادق إسماعيل في زيارة سرية إلى إسرائيل، بهدف بحث إمكانية التطبيع والحصول على دعم سياسي وعسكري، وتشير تقارير أن هذه الخطوة جاءت بتوجيه من جماعة الإخوان المسلمين، التي تسعى لاستغلال ملف التطبيع لحصد دعم من الولايات المتحدة.

الاستفادة من الانقسامات

وتُتهم جماعة الإخوان بتعميق الانقسامات داخل الجيش السوداني، مستغلة علاقاتها التاريخية مع بعض القيادات العسكرية لتعزيز نفوذها، كما تعمل على إضعاف قوات الدعم السريع، التي تُعتبر خصمًا رئيسيًا لها، من خلال التحريض الإعلامي والدعم العسكري للجيش.

وتحظى جماعة الإخوان بدعم من بعض القوى الإقليمية؛ مما يعزز قدرتها على التأثير في مجريات الصراع، وفي المقابل، تسعى قوى إقليمية ودولية أخرى إلى الحد من نفوذ الجماعة، خوفًا من تمدد الإسلام السياسي في المنطقة.

تحالف تاريخي تحت غطاء السلطة

وتعود العلاقة بين الجيش السوداني وجماعات الإسلام السياسي إلى انقلاب 1989، الذي أوصل نظام عمر البشير إلى الحكم بدعم مباشر من الإخوان المسلمين، وعلى مدى ثلاثة عقود، ترسخت شبكة مصالح بين القيادات العسكرية وقادة الإسلاميين، إذ اعتمد النظام السابق على “التمكين” بتغلغل الإخوان في مؤسسات الدولة، بما في ذلك القوات المسلحة، والأجهزة الأمنية، والقضاء.

ومع سقوط نظام البشير في 2019، بدأت جهود تفكيك هذه الشبكة، لكن الحرب الحالية سمحت بعودة رموز النظام السابق، لا سيما عبر “الفلول” الذين أعادوا ترتيب صفوفهم داخل الجيش.

وفي خضم الحرب ضد قوات الدعم السريع، عاد التنسيق بين الجيش وجماعات الإسلام السياسي للواجهة، حيث يرى مراقبون أن الجيش – رغم إعلانه الالتزام بالانتقال الديمقراطي – اضطر إلى توظيف القوة التنظيمية والتمويل والكوادر القتالية التي توفرها هذه الجماعات لتعزيز جبهته العسكرية.

غير أن هذا التحالف يثير مخاوف حقيقية من إعادة إنتاج نموذج “الدولة العقائدية”، وإعادة تمكين الإسلاميين تحت مظلة النصر العسكري، وتزداد هذه المخاوف مع عودة وجوه معروفة من عهد “الإنقاذ” إلى المشهد، سواء عبر الإعلام أو مؤسسات الدعم اللوجستي للحرب.

العودة لساحة الصراع في السودان

لذا عادت جماعة الإخوان المسلمين (وواجهاتها من تيارات الإسلام السياسي) إلى قلب الصراع السوداني من بوابة الحرب، مستغلة التحولات الكبرى في المشهدين السياسي والعسكري بعد أبريل 2023.

ويمكن تلخيص آليات عودتها عبر المحاور التالية: أولها استغلال الفراغ السياسي والأمني، فبعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، سقطت الهياكل المدنية التي كانت تعارض التمكين الإسلامي، وتفككت المؤسسات الانتقالية، مما أتاح للإخوان فرصة العودة إلى المشهد من خلال التحالف مع المؤسسة العسكرية، مستفيدين من غياب الرقابة المدنية، وتراجع الدور الدولي في فرض التوازن داخل السلطة.

والمحور الثاني، هو إعادة تفعيل شبكات التمكين القديمة، حيث عادت الجماعة الإسلامية للعمل من خلال نفس الشبكات التي أرساها نظام البشير، مثل اتحاد الطلاب الإسلاميين، ومنظمات الدعوة، والمؤسسات الخيرية، والأهم، الأجهزة الأمنية القديمة، وتم رصد نشاط مكثف لرموز الصف الثاني والثالث من نظام “الإنقاذ” في مناطق الجيش، حيث أعيد فتح بعض مقار الجمعيات الإسلامية، وعودة قيادات كانت قد اختفت بعد الثورة إلى الواجهة الإعلامية والتنظيمية.

أما الثالث، هو تسليح وتجنيد: من الدعوة إلى المعركة، ففي مشهد أكثر جرأة، ظهرت ميليشيات ذات طابع ديني، مثل “كتيبة البراء بن مالك”، التي ضمت عناصر محسوبة على الإسلاميين، وشاركت في جبهات القتال تحت غطاء دعم الجيش، كما أعادت الجماعة ربط نفسها بخطاب “الجهاد”، معتبرة الحرب مع الدعم السريع معركة هوية تهدد الإسلام والدولة، وهو نفس الخطاب الذي استخدم في التسعينيات خلال الحرب الأهلية في الجنوب.

وتمثل المحور الرابع فيما تلقته جماعة الإخوان من دعم سياسي وإعلامي من قوى إقليمية ما تزال ترى في الإسلام السياسي وسيلة لمواجهة خصومها في المنطقة. هذا الدعم – وإن لم يكن معلنًا في كل الأحوال – وفر مظلة للتحرك وإعادة التموضع، كما أن التحالف غير المعلن مع البرهان جاء كمقايضة: دعم الجماعة للجيش في الحرب مقابل السماح بعودتها التدريجية إلى السلطة.

مستقبل العلاقة بين البرهان والإخوان

ويبدو أن العلاقة بين البرهان وجماعة الإخوان المسلمين تمر بمرحلة من التوتر، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة والتطورات السياسية الأخيرة، وبينما يسعى البرهان لتأكيد استقلالية الجيش، تحاول الجماعة تعزيز نفوذها داخل المؤسسة العسكرية والسياسية.

ويبقى مستقبل هذه العلاقة مرهونًا بالتطورات القادمة، ومدى قدرة الطرفين على تحقيق أهدافهما في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه السودان.

وتُظهر الأحداث الأخيرة في السودان تعقيد العلاقة بين الجيش بقيادة البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، وفي ظل الاتهامات المتبادلة والتحركات السياسية والعسكرية، يبقى مستقبل البلاد مرتبطًا بمدى قدرة الأطراف المختلفة على التوصل إلى توافق يضمن استقرار السودان وتحقيق تطلعات شعبه.

spot_img