ذات صلة

جمع

القمة الخليجية الأمريكية 2025.. ملفات شائكة ومكاسب واسعة تنتظر الموقف العربي الموحد

تستعد الرياض لاستضافة قمة خليجية أمريكية غير رسمية غدًا،...

“رفع دعم الوقود في ليبيا.. إصلاح ضروري أم انتحار سياسي؟”

في ظل أزمة سياسية مزمنة وتدهور اقتصادي مستمر، يطرح...

غزة على شفا الانهيار.. مجاعة تخنق السكان وصمت دولي يفاقم الكارثة

في مشهد يعكس الانهيار التام، تعيش غزة واحدة من...

إسرائيل تضغط للحرب.. وترامب يُعيد خلط الأوراق في الملفين الإيراني والحوثي

في خضم تزايد التعقيدات الإقليمية، وتصاعد التوتر حول البرنامج...

“رفع دعم الوقود في ليبيا.. إصلاح ضروري أم انتحار سياسي؟”

في ظل أزمة سياسية مزمنة وتدهور اقتصادي مستمر، يطرح تساؤل جوهري نفسه على طاولة الحكومة الليبية: ماذا لو تم رفع دعم الوقود؟… فهذا القرار الذي طالما أُجل، يعود الآن إلى الواجهة، مدفوعًا بضغوط مالية داخلية وتوصيات دولية لإصلاح منظومة الدعم.

لكن ما الذي سيحدث في اليوم التالي لهذا القرار، وكيف سيتأثر الشارع، والأسواق، ومشهد التهريب، والتوازنات السياسية الهشة؟.. لذا هذا التقرير يحاول رسم سيناريو واقعي لما قد تواجهه ليبيا إذا أقدمت على هذه الخطوة الجريئة.

دعم الوقود في ليبيا.. نعمة مشروطة تتحول إلى عبء

لطالما شكل دعم الوقود في ليبيا أحد أبرز مظاهر السياسة الاجتماعية، حيث يُباع لتر البنزين في السوق المحلية بأقل من 0.15 دينار ليبي، مما يجعله الأرخص في المنطقة وربما في العالم،

وهذا السعر الرمزي يحمل في طياته تكلفة باهظة على الدولة، التي تنفق مليارات الدولارات سنويًا على دعم المحروقات، بحسب بيانات المؤسسة الوطنية للنفط.

إلا أن دعم الوقود لا يستفيد منه المواطن فقط، بل يُعد أيضًا محفزًا رئيسيًا لاقتصاد الظل، حيث تنتشر شبكات تهريب الوقود عبر حدود ليبيا مع تونس والنيجر وتشاد، وتُقدّر خسائر الدولة من التهريب بما يفوق ملياري دولار سنويًا.

اليوم التالي… شارع غاضب وأسواق مضطربة

وإذا قررت الحكومة رفع الدعم، حتى بشكل تدريجي، فستكون التداعيات على المواطن مباشرة وسريعة، فمن المرجح أن يقفز سعر لتر البنزين إلى ما بين 1.5 و2 دينار ليبي، أي أكثر من عشرة أضعاف، وأيضا بحكم الاعتماد الكبير على النقل البري، ستشهد أسعار السلع الأساسية قفزة حادة.

كما يتوقع خروج احتجاجات شعبية، فالشارع الليبي الذي يعاني أصلًا من بطالة وانقطاع خدمات، قد يخرج في موجة احتجاجات عارمة، خاصة في المناطق المهمّشة.

ويرجّح محللون، أن يؤدي ذلك إلى اهتزاز الثقة بالحكومات المتعاقبة، وقد يُستغل القرار سياسيًا من أطراف متنازعة لتأجيج الصراع.

تهريب الوقود… إلى أين بعد رفع الدعم؟

ورغم أن أحد الأهداف المعلنة من رفع الدعم هو ضرب شبكات التهريب، فإن الواقع أكثر تعقيدًا، فمع غياب الرقابة الحدودية وسيطرة جماعات مسلحة على طرق التهريب، قد تستمر هذه الشبكات في عملها عبر سرقة الوقود من الحقول أو مستودعات التوزيع، وتهريبه مباشرة قبل خضوعه للأسعار الجديدة.

لكن في حال تطبيق رفع الدعم مع رقابة صارمة وتوزيع ذكي للبطاقات الوقودية، كما هو معمول به في دول مجاورة، يمكن تقليص التهريب تدريجيًا.

المشهد السياسي.. أكثر هشاشة

لذا مع رفع الدعم قد يتحول إلى قنبلة سياسية في وجه أي حكومة تتبناه، ففي ظل الانقسام بين شرق البلاد وغربها، قد يُستخدم القرار كورقة ضغط أو حتى ذريعة للتمرد الشعبي، ما لم يُرافق بحزمة تعويضات واضحة وموجهة للفئات الفقيرة.

ويرى مراقبون، أن تطبيق القرار دون توافق سياسي وطني قد يعمّق الشرخ بين الأطراف المتنازعة، بل ويُغذي خطاب الكراهية والانقسام الجهوي.

هل هناك بدائل؟

وبدلًا من رفع الدعم بشكل كامل، تقترح بعض مراكز الأبحاث الليبية حلولًا وسطًا، منها الدعم الذكي: توزيع بطاقات دعم الوقود للفئات الأكثر احتياجًا، ورفع تدريجي للأسعار مقابل تحسين الخدمات (كهرباء، صحة، نقل)، واستخدام الوفر الناتج من رفع الدعم في دعم الرواتب أو مشاريع البنية التحتية.

ويعتبر رفع دعم الوقود في ليبيا هو قرار اقتصادي ضروري لكنه سياسي بالغ الخطورة، فهل تملك السلطات الشجاعة والجاهزية لتطبيقه؟ أم سيظل حبيس التوصيات والتقارير الدولية، أم ستستطيع ليبيا تنفيذ هذا القرار دون أن تُشعل فتيل انفجار اجتماعي جديد.

spot_img