ذات صلة

جمع

غزة على شفا الانهيار.. مجاعة تخنق السكان وصمت دولي يفاقم الكارثة

في مشهد يعكس الانهيار التام، تعيش غزة واحدة من...

إسرائيل تضغط للحرب.. وترامب يُعيد خلط الأوراق في الملفين الإيراني والحوثي

في خضم تزايد التعقيدات الإقليمية، وتصاعد التوتر حول البرنامج...

ترامب يعلن “إعادة ضبط كاملة” للعلاقات مع الصين وسط تصاعد التوترات

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تقدم كبير في...

غزة على شفا الانهيار.. مجاعة تخنق السكان وصمت دولي يفاقم الكارثة

في مشهد يعكس الانهيار التام، تعيش غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث بات الجوع مشهدًا يوميًا مألوفًا، وصراخ الأطفال أمام مراكز الإيواء يختزل حجم المأساة، حيث إن أكثر من شهرين من الحصار الإسرائيلي المشدد، ومنع تام لدخول المساعدات الغذائية والدوائية، حوّلا القطاع إلى منطقة مجاعة، وفق إعلان رسمي من الحكومة الفلسطينية وتحذيرات من منظمات إنسانية دولية.

غزة.. منطقة مجاعة رسميًا

تعيش غزة اليوم تحت وطأة كارثة إنسانية شاملة، حيث يتحول الحصار الإسرائيلي الخانق إلى سلاح يومي لخنق الحياة في القطاع، ويدفع أكثر من مليوني إنسان إلى حافة الجوع والانهيار، فالكرب لا يقتصر على نقص الغذاء والدواء، بل يمتد إلى كل تفاصيل الحياة اليومية: أمهات يفترشن الأرض مع أطفالهن بحثًا عن فتات طعام، وشباب ينهارون من اليأس أمام طوابير الإغاثة، وعائلات تتقاسم بقايا دقيق فاسد لتهدئة صرخات الجوع.

كما أن الملاجئ لم تعد تؤوي أحدًا بل تحولت إلى نقاط اكتظاظ لا تصلح للبشر، والبيوت المدمرة خلفت وراءها نازحين بلا مأوى ولا أمل، ومع غياب التحرك الدولي الفاعل، تبدو غزة اليوم وكأنها تُدفن تحت رماد التجاهل، في مشهد يختزل أقسى معاني القهر الإنساني.

وفي ظل هذا الواقع القاتم، يُطلق هذا الإعلان ناقوس خطر أخير للعالم، مفاده أن غزة ليست فقط تحت الحصار، بل تحت المجاعة أيضًا – والمجتمع الدولي مطالب بالخروج عن صمته قبل أن تُمحى الحياة من القطاع بالكامل.

لذا أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى رسميًا غزة “منطقة مجاعة”، تستمر التحذيرات الدولية من انهيار العمل الإنساني في القطاع، في ظل مواصلة إسرائيل إغلاق المعابر ومنع دخول شاحنات المساعدات.

أرقام تنذر بكارثة إنسانية شاملة

وتشهد غزة أرقام تنذر بكارثة إنسانية ضخمة، حيث إن 2.4 مليون فلسطيني يعتمدون كليًا على المساعدات الإنسانية، وفق بيانات البنك الدولي، و90% من السكان نزحوا من منازلهم، ويعيش معظمهم في ملاجئ مكتظة أو في العراء.

بينما تفاقمت أسعار السلع الأساسية لتصل إلى أرقام قياسية في ظل ندرة حادة في المواد الغذائية، حيث تجاوز سعر كيس الطحين (50 كغم) 400 دولار، أي ما يعادل دخل شهر كامل لعائلة متوسطة، وبعض العائلات تعتمد على الدقيق الفاسد لخلطه مع الأرز أو المعكرونة، في محاولة يائسة لتأمين وجبة تبعد الجوع.

فيما توقفت المطابخ الخيرية عن العمل بسبب نفاد الإمدادات والوقود، كما أعلنت منظمة “المطبخ المركزي العالمي”، حيث تشهد الأسواق شللًا تامًا، في ظل اختفاء البضائع وعجز السكان عن الشراء.

مسؤولية دولية مغيبة وأسباب متعمدة للأزمة

ورغم التحذيرات الأممية المتكررة، تواصل إسرائيل فرض حصار شامل على غزة، مستخدمة سلاح التجويع كأداة حرب، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وفقًا للعديد من منظمات حقوق الإنسان.

ورغم تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم سوء التغذية، ما تزال سلطات الاحتلال تمنع دخول شاحنات الغذاء والدواء والوقود، في سياسة ممنهجة لتدمير ما تبقى من مقاومات الحياة.

والمجتمع الدولي، وعلى رأسه القوى الكبرى، يكتفي بالصمت أو البيانات الرمادية، متجاهلًا مجاعة تطرق أبواب أكثر من مليوني إنسان، معظمهم من النساء والأطفال.

شهادات من الداخل وردود فعل باهتة

ومن قلب الكارثة، تروي أم فلسطينية في مخيم جنوبي غزة: “نخلط الدقيق الفاسد بالأرز لنوفر وجبة للأطفال… نُشعل النار بملابسنا القديمة بعد نفاد الغاز… نحن نعيش فقط لنؤجل الموت قليلاً. بينما يروي شاب نازح: “مشاهد الطوابير والبكاء والصراخ أمام نقاط توزيع الغذاء تحطم القلب… لم نعد نبحث عن طعام، نبحث عن بقاياه”.

وبقيت ردود الفعل العربية والدولية دون مستوى الكارثة، فباستثناء بيانات شجب وتحذير، لم يُسجَّل أي تحرك حقيقي يضع حدًا للحصار أو يضمن تدفق المساعدات.

وأعلنت منظمات إنسانية، بينها: “أطباء بلا حدود” و”الصليب الأحمر”، أن الوضع في غزة “يخرج عن السيطرة”، وسط تحذيرات من انهيار العمل الإنساني بالكامل.

هل سيكون هناك تحرك فعلي لإنقاذ ما تبقى؟

يرى خبراء ومراقبون، أن فرص التحرك الدولي الجاد لإنقاذ ما تبقى من غزة ما تزال محدودة، في ظل غياب الإرادة السياسية لدى القوى الكبرى، واستمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع الكوارث الإنسانية.

ويشير محللون، أن المجتمع الدولي اكتفى حتى الآن بإصدار بيانات شجب وتحذير، دون اتخاذ إجراءات عملية لفرض وقف إطلاق النار أو ضمان تدفق المساعدات، فبعضهم يعتبر أن إعلان غزة “منطقة مجاعة” قد يشكل لحظة مفصلية لدفع الأمم المتحدة والدول المؤثرة إلى التحرك، لكن ذلك يظل مرهونًا بتغير المعادلات الجيوسياسية، خاصة موقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

ويرى آخرون، أن ترك غزة تغرق في الجوع دون تدخل فعلي يشكل اختبارًا قاسيًا لمصداقية النظام الدولي وفعالية القانون الإنساني.

ومع تواصل التجويع، وانعدام الغذاء والدواء، وسكوت المجتمع الدولي، تبقى غزة تخوض معركة يومية للبقاء، وسط سؤال مفتوح للعالم: “هل ستتحرك الضمائر لإنقاذ ما تبقى من حياة في غزة؟ أم أن المأساة ستُترك لتتحول إلى وصمة في جبين الإنسانية؟”.

spot_img