في خطوة وصفت بالقسرية ولابد منها، أطلقت مليشيات الحوثي الإرهابية، حملات جباية جديدة استهدفت عددًا كبيرًا من التجار وأصحاب رؤوس الأموال شمال العاصمة اليمنية صنعاء، تحت ذريعة تمويل إعادة بناء مطار صنعاء الدولي، الذي خرج عن الخدمة بالكامل بعد تعرضه لضربات جوية إسرائيلية خلال الأيام الماضية.
بحسب مصادر مطلعة في صنعاء، فقد رافق مشرفون حوثيون مسلحون من مكاتب تنفيذية متعددة، حملات ميدانية على المحال التجارية والمؤسسات الخاصة في مديريتي الثورة وبني الحارث، حيث جرى إجبار أصحابها على دفع مبالغ مالية فورية، وسط تهديدات بالإغلاق أو الاعتقال في حال الرفض.
السحب من الأموال العامة للشعب

لم تكتف الجماعة بابتزاز التجار، بل قامت أيضًا، وفقًا للمصادر، بسحب مبالغ ضخمة من حسابات ما يعرف بهيئتي الأوقاف والزكاة، مستخدمة نفس الذريعة، في وقت تتجاهل فيه أي التزامات تجاه سكان مناطق سيطرتها، الذين يعانون من شلل اقتصادي وأزمة إنسانية متفاقمة.
كما أكدت المصادر، أن الجماعة أمهلت التجار حتى الاثنين المقبل لدفع ما يسمى “الدعم الإجباري”، وهددت بعقوبات صارمة لمن يتخلف عن الدفع، في مقدمتها الإغلاق الفوري والملاحقة.
تبرعات المواطنين والتجار بالإكراه
شهدت مديرية بني الحارث شمال صنعاء اقتحامات من قبل عناصر حوثية استهدفت عددًا من المتاجر، من بينها متجر لبيع المواد الغذائية في حي الروضة، حيث فرض على مالكه دفع مبلغ 300 ألف ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 560 دولارًا وفق أسعار الصرف في مناطق سيطرة الجماعة، رافق هذه العملية تهديدات واضحة بإغلاق المتاجر واعتقال أصحابها في حال عدم الامتثال.
الحوثيون يواصلون فرض مبالغ مالية متباينة على التجار، وفقًا لحجم التجارة وكميات البضائع المتوفرة في المحال، ما يعكس سياسة ابتزازية منهجية.
وتظهر هذه الإجراءات استغلال الجماعة للضربات الخارجية كغطاء لتبرير ممارساتها المالية، في وقت تتنصل فيه من أي التزامات تجاه السكان باعتبارها سلطة أمر واقع.
وبالتزامن مع التصعيد العسكري، تعمل الجماعة على ترويج سرديات إعلامية تزعم أنها ضحية عدوان خارجي، هذا الخطاب يبدو مدفوعًا برغبة في ترميم الصورة الشعبية المتآكلة داخليًا، لا سيما بعد أن أصبحت ممارساتها محل سخط عام في أوساط المجتمع التجاري والمدني على حد سواء.
وينظر إلى هذا التوجه الدعائي كمحاولة لإخفاء مسؤولية الجماعة في التصعيد الذي أدى إلى استهداف مطار صنعاء، حيث تتهمها تقارير محلية ودولية باستخدامه لأغراض عسكرية وتدريبية تحت إشراف خبراء أجانب.
المطار الرئيسي الذي أنشئ عام 1973 ويقع في منطقة الرحبة شمال العاصمة، خرج بالكامل عن الخدمة بعد ضربات إسرائيلية طالت بنيته التحتية.
في الوقت الذي تعاني فيه العاصمة من آثار الدمار وتدهور الخدمات، تستغل الجماعة الوضع لفرض جبايات جديدة على السكان تحت شعارات الإعمار والدعم الوطني، وتفرض هذه الإتاوات في غياب أي رقابة أو شفافية حول كيفية استخدام الأموال المحصّلة.
ويرى مراقبون، أن كل أزمة جديدة باتت تشكل فرصة للجماعة لتعزيز قبضتها المالية، مما يعمق من معاناة السكان، ويكرّس نظامًا قائمًا على النهب والاستغلال بدل إدارة الأزمات أو إيجاد حلول حقيقية لها.