استدعاء غير مسبوق للسفير الإيراني في بيروت.. تصعيد دبلوماسي يكشف عمق التوتر بين لبنان وطهران
في تطور دبلوماسي غير مسبوق، استدعت وزارة الخارجية اللبنانية السفير الإيراني في بيروت، مجتبى أماني، على خلفية تصريحات أدلى بها عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، اعتُبرت تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية، خاصة فيما يتعلق بملف سلاح حزب الله.
أسباب الاستدعاء: تصريحات مثيرة للجدل
وأثار السفير أماني جدلاً واسعًا بعد نشره تغريدة وصف فيها مشروع نزع سلاح حزب الله بأنه “مؤامرة واضحة ضد الدول”، مشيرًا أن “الولايات المتحدة تواصل تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة، بينما تضغط على دول أخرى لتقليص ترسانتها تحت ذرائع مختلفة”.
وأضاف أماني: أن “بمجرد أن تستسلم تلك الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم والاحتلال، كما حصل في العراق وليبيا وسوريا”، مؤكدًا أن “حفظ القدرة الردعية هو خط الدفاع الأول عن السيادة والاستقلال ولا ينبغي المساومة عليه”.
موقف الحكومة اللبنانية
فيما اعتبرت وزارة الخارجية اللبنانية تصريحات السفير الإيراني تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية للبلاد، خاصة في ظل الجهود المبذولة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وأكدت مصادر دبلوماسية، أن الاستدعاء يهدف إلى إبلاغ السفير أماني بالموقف الرسمي اللبناني الرافض لتلك التصريحات، والتأكيد على ضرورة احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في قراراته السيادية.
ومن المتوقع أن يتم اللقاء مع الأمين العام لوزارة الخارجية، السفير هاني الشميطلي، نظرًا لوجود الوزير خارج البلاد.
وتأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه لبنان الرسمي، بقيادة الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى وضع ملف حصرية السلاح على سكة التنفيذ، مع الحديث عن عقد حوار ثنائي مع “حزب الله” لبحث مسألة تسليم السلاح وحصره بيد الدولة اللبنانية.
ردود فعل دولية
بينما لم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية من قبل الحكومة الإيرانية بشأن استدعاء السفير أماني، إلا أن هذا التطور قد يؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.
تداعيات محتملة على العلاقات اللبنانية- الإيرانية
ويُعدّ استدعاء السفير الإيراني خطوة دبلوماسية نادرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقد تُنذر بمزيد من التوتر أو بإعادة تقييم حدود الدور الإيراني في لبنان، خاصة في ظل الجدل المحلي المستمر حول مسألة حصرية السلاح بيد الدولة.
ويرى مراقبون، أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام أزمة دبلوماسية بين البلدين، خصوصًا إذا ما استمرت طهران في اعتماد خطاب داعم لسلاح حزب الله على نحو يتجاوز اللياقات الدبلوماسية ويتحدى السيادة اللبنانية.
ورغم أن طهران لم تصدر ردًا رسميًا حتى الآن، فإن أي تصعيد أو تجاهل لبناني إضافي قد يُقابل بإجراءات مماثلة من الجانب الإيراني، مما يعقّد المشهد الدبلوماسي أكثر.
كما قد يشهد لبنان ضغوطًا من قوى إقليمية وغربية تطالبه بموقف أكثر حسمًا تجاه تحجيم نفوذ حزب الله.
وعلى الصعيد الداخلي، قد يؤدي هذا التوتر إلى مزيد من الاستقطاب السياسي بين الفرقاء اللبنانيين، خاصة أن بعض الأطراف تعتبر السفير الإيراني المعبّر الفعلي عن المظلة السياسية التي تحمي الحزب وسلاحه، فيما ترى أطراف أخرى أن الاستدعاء يمثّل “صحوة” دبلوماسية لبنانية كان لا بد منها منذ سنوات.
تباين داخلي حول حزب الله
ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه لبنان نقاشًا داخليًا محتدمًا حول مستقبل سلاح حزب الله، ففي حين يدعو بعض الأطراف السياسية إلى وضع جدول زمني لنزع سلاح الحزب، يرى آخرون أن هذا السلاح يشكل جزءًا من استراتيجية الدفاع الوطني.
وكان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قد صرح مؤخرًا بأن “فكرة نزع السلاح يجب أن تُزال من القاموس”، مؤكدًا أن “هذا السلاح هو الذي أعطى الحياة والحرية لشعبنا”.
وتُسلّط هذه التطورات الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومة اللبنانية في سعيها لتعزيز سيادة الدولة وحصرية السلاح، وسط توازنات إقليمية معقدة وضغوط داخلية متزايدة.