في تحول لافت يكشف عمق التوتر القائم بين طهران وواشنطن، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي – بشكل حاسم- أن المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة “لا معنى لها” في ظل التصعيد والتهديد؛ مما فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين البلدين، واحتمالات الانزلاق نحو مواجهة عسكرية مفتوحة.
وقال الوزير الإيراني -في تصريح يعكس تصلب الموقف الرسمي-: “المفاوضات المباشرة مع طرف يهدد باستمرار باستخدام القوة، ويطلق مواقف متناقضة، تفتقد لأي معنى حقيقي”.
وأضاف عراقجي: أن بلاده “ما تزال متمسكة بالدبلوماسية، ومستعدة لتجربة مسار المفاوضات غير المباشرة، دون أن تقبل لغة الإملاءات أو الضغوط”.
موقف يبعث برسائل حادة

الرسالة الإيرانية جاءت في وقت يواصل فيه البيت الأبيض، وعلى لسان الرئيس الأمريكي، التأكيد على رغبته في مفاوضات مباشرة مع طهران، باعتبارها “أسرع وأكثر وضوحًا” من الاعتماد على وسطاء.
غير أن الجانب الإيراني يرى في هذا الطرح محاولة لتجاوز الشروط المتكافئة، وتحويل المفاوضات إلى أداة ضغط إضافية بدلاً من كونها مسارًا لحل حقيقي.
وما يعمق الهوة بين الجانبين هو تصاعد التحركات الأمريكية في المنطقة، سواء من خلال تعزيزات عسكرية أو زيارات مفاجئة للمسؤولين الأمريكيين إلى حلفائهم في الخليج، الأمر الذي تراه طهران دليلاً على غياب النية الصادقة في الحوار.
جاهزية إيرانية لأي سيناريو
رد الفعل الإيراني لم يقتصر على التصريحات الدبلوماسية، فقد أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني أن بلاده “لا تخشى الحرب”، وأنها “مستعدة لأي مواجهة محتملة”، في تعبير واضح عن تبني سياسة الردع تجاه الضغوط الأمريكية، دون الوقوع في فخ الاستفزاز العسكري المباشر.
ويأتي هذا التصعيد المتبادل في وقت حساس تمر فيه المنطقة بواحدة من أكثر الفترات اضطرابًا، حيث تتقاطع المصالح وتشتد المواجهات غير المباشرة، من غزة إلى اليمن والعراق وسوريا.
وفي ظل هذا المشهد الملبد، تبدو أي شرارة قادرة على إشعال مواجهة واسعة النطاق.
وأمام هذا التصعيد، تبدو العواصم الغربية عاجزة عن إعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض.
الدول الأوروبية التي سبق أن لعبت دورًا محوريًا في الاتفاق النووي عام 2015، باتت أقرب إلى موقف المتفرج، بينما تحاول روسيا والصين الحفاظ على خطوط اتصال مع طهران، لكن دون قدرة حقيقية على تغيير المشهد.
في واشنطن، لا يبدو أن هناك إجماعًا داخليًا حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني.
بينما يلوح الرئيس الأمريكي ترامب بالعمل العسكري، تتحدث دوائر أخرى عن ضرورة استثمار اللحظة الدبلوماسية، وتجنب الحرب التي ستكون كلفتها باهظة على الجميع.
والسيناريوهات المتوقعة باتت تدور حول محورين، إما التوجه نحو جولة مفاوضات غير مباشرة تعيد رسم خطوط تفاهم جديد، أو الانزلاق نحو صدام محدود قد يتطور بسرعة إلى حرب شاملة.