زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الخاطفة لتركيا منذ يومين، أثارت حالة من الجدل والغضب الضخم، قبلها وأثناءها وبعدها، والذي ما زال متأججًا حتى الآن، جراء العديد من المواقف المرفوضة سواء بتقديم أموال قطرية ضخمة لتركيا أو المواقف المهينة للدوحة.
وفي أعقاب الزيارة، تثير أزمة شراء قطر 10% في بورصة تركيا، غضبًا عارمًا بتركيا، حيث وافقت هيئة الاستثمار القطرية على شراء حصة في بورصة إسطنبول من صندوق الثروة الخاص بتركيا مقابل مبلغ لم يُكشف عنه، في واحدة من عدة صفقات قطرية لدعم الاقتصاد التركي المنهار، بينما يعاني اقتصاد الدوحة أيضًا من أزمات بالغة.
وهو ما رفضته المعارضة التركية، حيث قال المرشح الرئاسي السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، ومؤسس حركة “الوطن في ألف يوم”، محرم إنجة: إن ذلك أمر مرفوض ومهين بشدة.
وأضاف “إنجه”، عَبْر حسابه الرسمي على “تويتر” أنه: “قلنا قبل سنوات، ماذا يوجد في قطر، هل وجدنا معدنًا هناك؟، هل وجدنا منجمًا، ما شأننا بقطر، لقد أضافت قصرًا طائرًا إلى أسطول الطائرات الرئاسية، واستحوذت على مصنع “باليت” للدبابات وعدد من البنوك والموانئ، ومراكز التسوق، واستحوذت الآن على 10% من بورصة إسطنبول”.
وسبق أن تناولت تقارير اقتصادية في تركيا استحواذ تميم بن حمد، على حصة البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، في بورصة إسطنبول، لإنقاذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن باع البنك الأوروبي حصته التي تقدر بـ10% من قيمة البورصة إلى صندوق الثروة السيادي التركي.
ويتزامن ذلك مع الغضب الضخم جراء صفقة المليار دولار الأميركي، الخاصة بشراء شركة قطر القابضة، التابعة لجهاز قطر للاستثمار، حصة تبلغ 42% من المركز التجاري التركي “مولاستينيا بارك”، لتصبح شركة قطر القابضة شريكة مع شركة العقارات التركية Orjin Group، التي تمتلك نسبة الـ58٪ المتبقية من المركز التجاري.
وهو ما كان محل انتقاد ضخم في الداخل التركي، لاسيما من المعارضة، التي رفضت بيع فريد شاهنك رئيس شركة “دوغوش القابضة”، الموالي لحكومة أردوغان، حصته في مركز التسوق الشهير.
وقال فائق أوزتراق، متحدث حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، والمسؤول عن الشؤون الاقتصادية، لرئيس الشركة: “لقد بعتَ بالفعل حصتك التي تساوي 42% في مركز التسوق (إستينيا بارك) إلى قطر وما يحدث مجرد مهاترات!”.
وأضاف أوزتراق في رسالة حادة وجهها للحكومة التركية بطريقة ساخرة: “ما هذا الحب الذي تكنونه لقطر؟! فلتبيعوا تركيا إذًا لها، لقد مزقتم هذه الدولة ومواردها، وإلى أي مدى ستوزعون موارد الدولة للدوحة؟”.
وأشار إلى أن الرئيس التركي يهرع إلى الدوحة بسرعة قصوى عند كل ضائقة مالية للحصول على أموالها بسبب تحطيم الدولار أرقامًا قياسية في تركيا.
كما هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، أردوغان، بسبب التنازلات التي يقدمها إلى قطر، على حساب الشعب، في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، قائلا: “ربحت شركة قطرية مناقصة بث المباريات التركية، مقابل 500 مليون دولار لنوادي كرة القدم، لكن الشركة رفضت الوفاء بالمبلغ بعد ارتفاع سعر الصرف، وقرر أردوغان التنازل عن 90 مليونًا من الـ500 مليون دولار لإرضاء قطر، بدلا من تحسين أحوال العمال والتجار وأصحاب المقاهي والحلاقين والعاطلين الذين يعانون من الفقر”.
وأضاف كليتشدار أوغلو أن التنازلات التركية للشركة القطرية لم تتوقف عند هذا الحد، إذ قرر أردوغان محاسبة الشركة القطرية على أساس أن سعر الدولار بـ5.80 ليرة، على الرغم من وصوله إلى 7.88 ليرة، مشيرًا: “أي نوع من الصداقة تجمع قطر بالرئيس التركي؟! إنه لا يعطي المال للمهنيين ولا الموظفين ولا الفلاحين ولا المتقاعدين، لكن عندما يتعلق الأمر بقطر، يتنازل عن 90 مليون دولار بجرة قلم! وفي نفس الوقت يخفض سعر الدولار إلى 5.80 ليرة!”.