عيَّن مجلس الوزراء اللبناني السيد كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان المركزي في جلسة عُقدت يوم الخميس في القصر الجمهوري ببعبدا، حيث حصل على 17 صوتًا من أصل 24 وزيرًا.
كريم سعيد حاكمًا للمصرف المركزي اللبناني
وبعد فراغ لحوالي عامين؛ تم تعيين حاكم مصرف لبنان، حيث إنه منصب حساس في بلد يحتاج إلى تنفيذ إصلاحات مهمة يطلبها المجتمع الدولي.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية أن “مجلس الوزراء عيّن كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان”، خلفًا لـ الموقوف؛ لاتهامه في قضايا اختلاس أموال عامة والذي انتهت ولايته في العام 2023.
من هو كريم سعيد؟
يُعتبر سعيد شخصية بارزة في مجال الاستثمارات المصرفية والمالية، حيث تجمع سيرته المهنية بين الخبرة الأكاديمية الرفيعة والإنجازات العملية الاستثنائية.
بدأ تعليمه في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، حيث تخصص في قانون البنوك، مما ساعده على فهم أعمق للأنظمة المالية وأسواق رأس المال، وأسهم بشكل كبير في عمليات الخصخصة والتمويل في منطقة الشرق الأوسط.
وُلد كريم سعيد عام 1964 في بلدة قرطبا، جبل لبنان، وهو متزوج وله ثلاثة أبناء.
التعليم والخلفية الأكاديمية
تلقى كريم سعيد تعليمه في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، حيث تخصص في قانون البنوك، وركز في أطروحته على “قانون غلاس-ستيغال لعام 1933”، الذي فرض الفصل بين البنوك التجارية والاستثمارية للحد من المخاطر النظامية.
كما درس تأثير إلغاء هذا القانون عام 1999 بموجب “قانون غرام-ليتش-بلايلي”، مما منحه فهمًا عميقًا للفلسفة التنظيمية للأسواق المالية وأطر الاستقرار المصرفي.
الخبرة المهنية في القطاع المصرفي
ويمتلك سعيد خبرة واسعة في اللوائح المصرفية الدولية، حيث شملت معرفته الأطر التنظيمية في الولايات المتحدة ولبنان، وهو عضو في نقابة المحامين في ولاية نيويورك منذ عام 1989.
كما شغل منصب المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية في بنك HSBC، حيث قاد تنفيذ العديد من صفقات الخصخصة الكبرى في المنطقة بين عامي 2000 و2006.
وفي عام 2006، أسس شركة “غروث غايت إيكويتي بارتنرز” في الإمارات، وهي شركة لإدارة الأصول البديلة تستثمر في الشركات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما شغل منصب عضو مجلس إدارة في بنك الإمارات ولبنان.
الخصخصة وإدارة الإصدار العام
إلى جانب عمله في المصارف الخاصة، لعب سعيد دورًا قياديًا في المعاملات المالية للقطاع العام، لا سيما في مبادرات الخصخصة في الشرق الأوسط.
شملت خبرته صياغة وتفاوض قوانين الخصخصة بالتعاون مع المشرعين، لضمان وجود أطر قانونية تحمي المستثمرين والمصالح العامة، والتعاون مع الهيئات التنظيمية لإنشاء وكالات رقابة تعزز الشفافية والمساءلة في القطاعات المخصخصة.
كما أنه قادرا على العمل مع وزارات المالية والمصارف المركزية في الإمارات، قطر، عُمان، الكويت، البحرين، والأردن، حيث ساهم في هيكلة وإدارة الإصدار العام للأوراق المالية للكيانات المخصخصة.
الخبرة في أسواق رأس المال
وبين عامي 1996 و2000، عمل سعيد بشكل موسع في إصدارات الأسهم والأوراق المالية المصرفية في لبنان، مع ضمان الامتثال للوائح مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية اللبنانية.
وشملت خبرته الاستشارية؛ الطرح العام الأولي (IPOs)، وإيصالات الإيداع العالمية (GDRs)، وإصدارات شهادات الإيداع والديون
كما اكتسب خبرة معمقة في قانون المصارف اللبناني، خاصة في مجالات كفاية رأس المال، تقاسم المخاطر، وحقوق المساهمين في المؤسسات المالية.
“خطة هارفارد” لمعالجة الأزمة اللبنانية
يرتبط اسم كريم سعيد بـ”خطة هارفارد” لحل الأزمة الاقتصادية اللبنانية، والتي مولتها شركة Growthgate Capital، حيث يشغل سعيد منصب المؤسس والشريك الإداري.
وفي عام 2023، أطلقت الشركة دراسة بقيادة البروفيسور ريكاردو هوسمان من Harvard Growth Lab في كلية كينيدي للحكم بجامعة هارفارد، بهدف تقديم حلول لتعافي النظام المالي والمصرفي اللبناني.
منافسة شرسة
وبعد تعيينه، غصّ منزل والديه في بلدة قرطبا بالمهنئين، حيث كان في استقبالهم شقيقه النائب السابق فارس سعيد، الذي شكر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على دعمه لتعيين كريم في هذا المنصب.
وجاء تعيين سعيد بعد عملية تصفية للأسماء المطروحة، حيث حُصرت الخيارات بينه وبين وزير المال الأسبق جهاد أزعور، وتم اختيار سعيد نظراً لدعمه من قبل القطاع المصرفي.
ومن المتوقع أن يسهم سعيد في إعادة هيكلة القطاع المصرفي التجاري وتوزيع الخسائر المقدرة بنحو 72 مليار دولار الناجمة عن الانهيار المالي في لبنان، والذي أفقر معظم اللبنانيين، ودمر العملة المحلية.
ويأتي تعيين سعيد، خلفا لرياض سلامة الموقوف لاتهامه في قضايا اختلاس أموال عامة، والذي انتهت ولايته في العام 2023، ومنذ ذلك التاريخ شغل وسيم منصوري منصب القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان.
