ذات صلة

جمع

عبدالقادر حصرية: حاكم جديد لمصرف سوريا المركزي بخبرة اقتصادية واسعة

قررت الإدارة السورية الجديدة تعيين الدكتور عبدالقادر حصرية حاكمًا...

إيران على مفترق خطير: تآكل النفوذ يُسرّع خيار القنبلة النووية

كشف تقرير صادر عن مكتب الاستخبارات الوطنية الأمريكية أن...

إقليم ما بعد الدولة: هل بدأ تنفيذ سيناريو التقسيم الإيراني للعراق؟

تشهد الساحة السياسية العراقية تطورات متسارعة مع تصاعد الحديث...

اتفاق البحر الأسود.. خطوة نحو التهدئة أم هدنة مؤقتة؟

في تطور لافت ضمن المشهد المتوتر بين روسيا وأوكرانيا،...

هل تسبب التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب في زيادة الأزمات بالبحر الأحمر والقرن الإفريقي؟

كشف تقرير صادر عن مجلس الأمن مطلع الشهر الجاري عن تزايد التعاون بين حركة الشباب الصومالية، المرتبطة بتنظيم “القاعدة” في شرق إفريقيا، وجماعة الحوثيين في اليمن.

وأشار التقرير إلى أن هذه العلاقة تمثل جزءًا من أنشطة الحوثيين المزعزعة للاستقرار خارج حدود اليمن، مما أثار قلق المجتمع الدولي، خصوصًا مع استمرار تدفق الأسلحة من اليمن إلى الصومال. ووصفت فرنسا هذا التدفق بأنه انتهاك لحظر الأسلحة الدولي.

علاقة “تعاقدية” بين الحوثيين وحركة الشباب

وسبق تقرير مجلس الأمن تقرير مفصل صدر في فبراير الماضي عن رئيس مجلس الأمن الدولي، أكد فيه أن العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب تُعد “تعاقدية” أو “انتهازية” أكثر من كونها أيديولوجية.

وقد حذر مسؤولون أمريكيون، من بينهم المبعوث الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، من أن الحوثيين يزودون الحركة بالأسلحة.

ووفقًا لمصادر استخباراتية، فقد عقدت “حركة الشباب” اجتماعين مع ممثلين عن الحوثيين في يوليو وسبتمبر من العام الماضي، طالبت خلالهما بأسلحة متطورة وتدريب عسكري. وبموجب الاتفاق المبرم بين الطرفين، يزود الحوثيون الحركة بالأسلحة والخبرة الفنية، مقابل تكثيف هجمات القرصنة في خليج عدن والسواحل الصومالية، واستهداف سفن الشحن للحصول على الفديات.

طرق تهريب الأسلحة وتداعياتها الأمنية

كما أكد التقرير استمرار تهريب الأسلحة من اليمن إلى مناطق خاضعة لسيطرة حركة الشباب في الصومال، ففي الفترة بين يونيو وسبتمبر من العام الماضي، تلقت الحركة شحنات أسلحة وذخائر عبر مينائي ماركا وبراوه في محافظة شبيلي السفلى، وتم توجيه بعضها إلى منطقة الخليج، فيما استخدمت أخرى في هجمات على معسكرات بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال خلال شهري سبتمبر ونوفمبر.

ويعتقد مراقبون أن الحوثيين وسعوا نطاق تعاونهم مع الجماعات المسلحة في القرن الإفريقي، بما في ذلك تنظيم “الدولة الإسلامية” في الصومال (ISS)، التابع لتنظيم “داعش”.

ووفقًا لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فقد تطورت علاقات الحوثيين مع هذه الجماعات عبر شبكات تهريب الأسلحة خلال العقد الماضي، وازدادت أهمية هذه الشبكات منذ عام 2016، عندما بدأ الحوثيون باستخدام المجال البحري لليمن في عمليات التهريب ومهاجمة السفن، وهو ما تصاعد بشكل كبير خلال أزمة البحر الأحمر التي بدأت في أكتوبر 2023.

توسيع النفوذ الحوثي في إفريقيا

وفي مايو الماضي، أشار زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إلى أن الهجمات على السفن في البحر الأحمر تعكس دعم جماعته للتحركات المناهضة “للهيمنة الأميركية والأوروبية” في إفريقيا، ما يؤكد رغبتهم في توسيع أنشطتهم هناك.

وعلى الرغم من الفجوة الأيديولوجية بين الحوثيين وحركة الشباب، فإن المصالح المشتركة في تهريب الأسلحة وتحصيل الفديات وتقويض النفوذ الأمربكي في المنطقة دفعت الطرفين إلى التعاون.

ويهدف هذا التحالف إلى تعزيز القدرات العسكرية لكلا الجانبين وتأمين تدفق الأسلحة، فضلًا عن تحسين النفوذ الإقليمي لإيران، التي تدعم الحوثيين.

تحالفات استراتيجية تتجاوز الحدود اليمنية

كما يرى بعض الباحثين أن الحوثيين يسعون إلى تنويع مصادر تمويلهم وشركائهم العسكريين، مستغلين الصراعات الإقليمية لزيادة نفوذهم بعيدًا عن المحور الإيراني التقليدي.

وتقول الباحثة إلينورا أردماني من المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية إن الحوثيين يطمحون إلى تعزيز استقلاليتهم عن إيران من خلال شراكات إقليمية، مثل تعاونهم مع تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب” في جنوب اليمن، مما يساعدهم على السيطرة على مزيد من الأراضي.

كما يعتقد مركز سوفيان للأبحاث الأمنية أن تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب” يقبل التعاون مع الحوثيين رغم اختلافاتهما العقائدية، مقابل الحصول على ملاذ آمن في اليمن. ويمنح الساحل اليمني الطويل الجماعتين منفذًا بحريًا استراتيجيًا يربطهما بشبكات التهريب إلى القرن الإفريقي ودول الخليج.

إيران والحوثيون في القرن الإفريقي

ورغم أن بعض المحللين يرون أن توسع الحوثيين في إفريقيا يعكس رغبتهم في الاستقلال عن إيران، إلا أن هذا لا ينفصل عن الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة.

فقد وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إفريقيا بأنها “قارة الفرص”، ويُنظر إلى وجود الحوثيين في الصومال كدليل على انخراط إيران المتزايد في القرن الإفريقي.

وبين عامي 2023 و2024، أعادت إيران علاقاتها الدبلوماسية مع السودان وجيبوتي والصومال، مما يعزز وجودها في المنطقة، ويُتوقع أن يزداد تركيز الحوثيين على شبكات التهريب الإقليمية، خاصة بعد أن أعادت الولايات المتحدة تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية في فبراير 2025، وفرضت عقوبات على سبعة من قادتهم المتورطين في تهريب الأسلحة.

التأثيرات الإقليمية والدولية للتحالف الحوثي-الصومالي

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، يجني الحوثيون حوالي 180 مليون دولار شهريًا من الرسوم غير القانونية التي تفرضها على شركات الشحن للسماح لسفنها بالمرور، إضافة إلى العائدات التي يحققونها من القرصنة والتهريب.

ومع ذلك، فإن تحالفهم مع الجماعات الإرهابية يزيد من تصنيفهم كحركة إرهابية على المستوى الدولي، مما يعقد الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع في اليمن.

في المقابل، تواصل الولايات المتحدة استهداف الحوثيين بغارات جوية، كان آخرها ضربات على مواقعهم في صعدة والحديدة، ردًا على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والتي تسببت في تعطيل حركة التجارة عبر قناة السويس.

الولايات المتحدة تتبنى نهجًا عسكريًا مختلفًا في الصومال

وعلى الجانب الآخر، تدعم القيادة الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) الجيش الصومالي في عملياته ضد حركة الشباب، عبر توفير المعلومات الاستخباراتية والتدريب والمساعدات اللوجستية.

وخلال فبراير الماضي، نفذت القوات الأمريكية غارات جوية استهدفت فرع “داعش” في جبال جوليس شمال الصومال، ما أسفر عن مقتل أحمد ماء العينين، مسؤول التجنيد والتمويل في التنظيم.

أفريقيا.. ساحة الحرب الجديدة ضد الإرهاب

ووفقًا لتقرير الاتحاد الإفريقي، شهدت القارة 3400 هجوم إرهابي و13900 وفاة نتيجة لهذه الهجمات في عام 2024 وحده.

ويعتقد الباحثون أن الولايات المتحدة باتت تدرك أن مكافحة الإرهاب لم تعد تقتصر على الشرق الأوسط، بل أصبحت إفريقيا ساحة رئيسة للصراع، مما يفسر تصاعد عملياتها العسكرية هناك، رغم أنها كانت قد خفضت وجودها العسكري عالميًا خلال السنوات الماضية.

تصعيد أوسع في المنطقة

ويؤدي التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب إلى تعقيد المشهد الأمني في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، ما يهدد الاستقرار الإقليمي ويزيد من احتمالات التدخل الدولي.

ومع تصاعد الهجمات البحرية وإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، قد نشهد مزيدًا من الضغوط والعقوبات الدولية، إلى جانب استمرار العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.