مع استمرار القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، تتفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية، وسط تزايد الضغوط الدولية والميدانية على جميع الأطراف.
وبينما تُواصل إسرائيل هجماتها على مناطق مختلفة من القطاع، تتصاعد الخلافات السياسية بين الفصائل الفلسطينية حول مستقبل الحكم في غزة، في وقت تتزايد فيه الدعوات لتهجير السكان وسط مواقف دولية متباينة.
القصف الإسرائيلي يتواصل.. وتفاقم المأساة الإنسانية
استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية على قطاع غزة، مستهدفة مواقع مختلفة في الجنوب، لا سيما مدينة رفح وحي تل السلطان، في تصعيد جديد بعد انتهاء الهدنة الأخيرة.
وأفادت مصادر فلسطينية بسقوط 19 قتيلًا جراء الغارات الإسرائيلية منذ فجر اليوم، فيما تسببت الضربات الجوية في موجة نزوح جديدة لآلاف الفلسطينيين الذين أصبحوا مرهقين من التنقل المستمر بحثًا عن الأمان وسط الدمار المستمر.
وفي تطور لافت، أعلنت حركة حماس مقتل عضو مكتبها السياسي والنائب في المجلس التشريعي صلاح البردويل وزوجته في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين غرب خان يونس، وهو ما يُشير إلى استهداف متزايد للقيادات السياسية والعسكرية للحركة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن هذه الهجمات ليست سوى البداية، بينما لوح وزير الدفاع يسرائيل كاتس بفتح “أبواب الجحيم” على غزة في حال لم تفرج حماس عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ السابع من أكتوبر 2023.
صراع داخلي حول مستقبل غزة.. فتح تُطالب حماس بالتنحي
في ظل الدمار المتزايد، تعود الخلافات الفلسطينية الداخلية إلى الواجهة، فقد دعا الناطق باسم حركة فتح في غزة، منذر الحايك، حركة حماس إلى التنحي عن الحكم في القطاع، مشيرًا إلى أن “المعركة القادمة هي إنهاء الوجود الفلسطيني”، في تصريح يعكس حجم التوتر السياسي بين الفصيلين الكبيرين.
ورغم تأكيد حماس مرارًا استعدادها للتخلي عن إدارة غزة، إلا أنها ترفض بشكل قاطع نزع سلاحها، حيث صرح عضو مكتبها السياسي حسام بدران بأن “سلاح المقاومة هو سلاح الشعب الفلسطيني ولا يمكن الحديث عن نزعه طالما الاحتلال موجود”.
في المقابل، تُصر السلطة الفلسطينية على أن أي ترتيبات سياسية جديدة في غزة يجب أن تتم تحت إشرافها، وهو ما يتناقض مع رؤية إسرائيل التي ترفض عودة السلطة إلى القطاع وتفضل حلولًا بديلة تتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
المقترحات الدولية بين التهجير وإعادة الإعمار
على الصعيد الدولي، تزايدت النقاشات حول مستقبل غزة، حيث طرحت مقترحات متباينة تراوحت بين تهجير السكان وإعادة إعمار القطاع.
وأعادت تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، الجدل حول إمكانية نقل الفلسطينيين خارج غزة، مؤكدًا أن “فكرة تهجير سكان القطاع عملية للغاية”، ومشيرًا إلى أنه من غير المنطقي إعادة الإعمار ثم السماح لحماس بشن هجمات جديدة.
هذه التصريحات تزامنت مع مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إنشاء هيئة لـ”إدارة الهجرة من غزة”، في خطوة تعكس استمرار المساعي الإسرائيلية لتهجير السكان، رغم المعارضة الدولية الواسعة لهذه الفكرة.
وفي المقابل، كثّفت القاهرة جهودها لتقديم بدائل تركز على إعادة الإعمار دون التهجير، وهي رؤية تحظى بدعم الجامعة العربية ودول أخرى تسعى لإيجاد حل إنساني دون المساس بالحقوق الفلسطينية.
المشهد الميداني والسياسي إلى أين؟
مع استمرار القصف الإسرائيلي واشتداد الخلافات السياسية الداخلية، يبدو أن قطاع غزة أمام منعطف خطير، حيث تتداخل العوامل العسكرية والسياسية والدولية في مشهد معقد يهدد بمزيد من التصعيد.
وبينما تتشبث الفصائل الفلسطينية بمواقفها، تواصل إسرائيل فرض معادلاتها على الأرض، في ظل انقسام دولي حول كيفية إنهاء الصراع، الأمر الذي يجعل الحلول بعيدة المنال في المدى القريب.