تشهد الساحة الليبية حالة متزايدة من التوتر وعدم الاستقرار السياسي، وسط تحركات مكثفة تهدف إلى عرقلة أي جهود تقود إلى تسوية شاملة للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد.
في قلب هذه التطورات، برز تحالف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ومفتي الإخوان المعزول الصادق الغرياني، والذي يسعى وفقًا لمراقبين إلى الدفع نحو سيناريوهات كارثية من خلال تأجيج الفوضى والتحريض على الاقتتال الأهلي، بهدف تحقيق أجندة خفية قد تنتهي بتنصيب الدبيبة رئيسًا لليبيا بالقوة.
محاولات لضرب الاستقرار وإفشال المشاورات السياسية
في الأشهر الأخيرة، شهدت ليبيا تحركات دبلوماسية مكثفة من قبل أطراف إقليمية ودولية لإيجاد تسوية سياسية للأزمة، وسط ضغوط لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تخرج البلاد من حالة الجمود السياسي.
إلا أن هذه الجهود تُواجه عراقيل متعمدة من قبل أطراف نافذة، أبرزها حكومة الدبيبة، التي تخشى فقدان سلطتها في حال جرت انتخابات نزيهة وشفافة.
وتُشير مصادر مطلعة إلى أن الدبيبة، بدعم من الغرياني، يعمل على إفشال أي مشاورات سياسية يُمكن أن تفضي إلى توافق وطني يُزيحه من المشهد.
خلال الفترة الأخيرة، تصاعدت خطابات التحريض التي يُطلقها الغرياني ضد خصوم الدبيبة، متذرعًا بشعارات دينية لتبرير استمرار الوضع القائم ورفض الحلول السلمية، وهو أسلوب سبق أن استخدمه في أزمات سابقة لتعزيز نفوذ تيارات الإسلام السياسي.
إذكاء الفوضى كوسيلة للبقاء في السلطة
وفقًا لمحللين سياسيين، فإن الدبيبة والغرياني يُدركان جيدًا أن أي استقرار سياسي قد يقود إلى إعادة هيكلة الحكم في ليبيا بما لا يخدم مصالحهما، وهو ما يدفعهما إلى اتباع تكتيكات خطيرة لإبقاء البلاد في حالة من الفوضى، عبر تحريض ميليشيات مسلحة على افتعال نزاعات جديدة، وافتعال أزمات أمنية من شأنها تعطيل أي مسار سياسي حقيقي.
ويُحذر خبراء من أن هذا التحالف قد يُؤدي إلى تفجر الأوضاع مجددًا في مناطق حساسة مثل طرابلس ومصراتة، حيث يتمركز نفوذ الميليشيات التابعة للدبيبة.
ويرى المراقبون أن أي اشتباكات جديدة قد تدخل البلاد في دوامة جديدة من الاقتتال الداخلي، مما يزيد من معاناة المدنيين ويفتح الباب أمام تدخلات أجنبية أكثر تعقيدًا.
السيناريو الأخطر.. فرض الدبيبة بالقوة رئيسًا لليبيا
السيناريو الأكثر خطورة الذي قد ينجم عن هذه التحركات هو محاولة فرض الدبيبة رئيسًا لليبيا خارج أي توافق وطني، مستغلًا حالة الانقسام السياسي والأمني، واستثمار الغطاء الديني الذي يُوفره له الغرياني.
وتُشير بعض التقارير إلى أن الدبيبة يعمل على هندسة مشهد سياسي جديد يقوم على إقصاء خصومه، وفرض نفسه كـ”المنقذ” الوحيد القادر على إدارة البلاد، عبر الترويج لفكرة أن الانتخابات قد تؤدي إلى حرب جديدة في حال لم تأتِ بنتائج تخدم مصالح القوى النافذة في طرابلس.
وعلى الصعيد الدولي، بدأت بعض الأصوات تحذر من خطورة استمرار الوضع الحالي، حيث دعت جهات دولية، بينها الأمم المتحدة، إلى ضرورة الدفع نحو حل سياسي حقيقي يضمن تمثيلًا عادلًا للأطراف كافة، محذرة من مغبة محاولات إجهاض المسار السياسي عبر العنف أو التحريض.
بدورها، تسعى دول إقليمية مثل مصر وتونس إلى لعب دور الوسيط لمنع تفاقم الأزمة، إلا أن إصرار الدبيبة والغرياني على عرقلة أي جهود توافقية يزيد من تعقيد المشهد.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن ليبيا تقف أمام مفترق طرق حاسم، فإما أن تنجح القوى الوطنية في تجاوز العقبات وفرض تسوية سياسية عادلة، أو أن تظل رهينة لمشاريع الفوضى التي يروج لها الدبيبة والغرياني لضمان بقائهما في السلطة.