ذات صلة

جمع

ترامب يغازل بوتين والتحضير لقمة ثنائية.. ما سر التقارب المتزايد؟

في ولايته الثانية التي بدأت في يناير 2025، شهدت...

” تصعيد خطير في إب”.. حملة اختطاف حوثية ونبش قبور وسط صراع قبلي محتدم

تشهد محافظة إب اليمنية موجة جديدة من الانتهاكات التي...

ارتفاع أسعار الغذاء في تعز مع قدوم رمضان 2025.. حصار الحوثي يفاقم المعاناة

مع اقتراب شهر رمضان الفضيل، تشهد مدينة تعز ارتفاعًا...

تدمير التعليم الجامعي في اليمن.. كيف يعبث الحوثيون والإخوان بمستقبل المؤسسات التعليمية؟

في ظل استمرار الصراع الدائر في اليمن، أصبح التعليم الجامعي أحد الضحايا الرئيسية للتدخلات السياسية والعسكرية التي تقوم بها جماعة الحوثي وحركة الإخوان المسلمين، وهذه التدخلات لا تقوض فقط جودة التعليم، بل تهدد مستقبل الأجيال القادمة وتعمق الأزمة الإنسانية في البلاد.

تسييس التعليم

منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في عام 2014، تم تسييس المؤسسات التعليمية بشكل كبير، حيث تم تعيين مسؤولين موالين للحوثيين في مناصب إدارية في الجامعات؛ مما أدى إلى تغيير المناهج الدراسية لتعكس الأيديولوجية الحوثية، كما تم إدخال مواد دينية وسياسية تروج لرؤية الجماعة؛ مما أثار استياء الطلاب والأكاديميين الذين يرون في ذلك انتهاكاً لحيادية التعليم.

وفي الوقت نفسه، تتهم حركة الإخوان المسلمين بفرض أجندتها الخاصة على بعض المؤسسات التعليمية، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتها. هذه الحركة، التي تعمل في إطار تحالف مع الحكومة المعترف بها دوليًا، تستخدم التعليم كأداة لتعزيز نفوذها السياسي والديني.

وأدى الصراع المستمر إلى تدمير البنية التحتية للعديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية. تم قصف بعض الجامعات بشكل مباشر، بينما تعرضت أخرى للإهمال بسبب نقص التمويل. كما أن انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود أثر بشكل كبير على قدرة الجامعات على تقديم خدماتها التعليمية.

ووفقًا لتقارير صادرة عن منظمات حقوقية، فإن أكثر من 50% من الجامعات اليمنية تعمل بأقل من نصف طاقتها؛ مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم العالي.

تواطؤ الإخوان والحوثيون

وفي الأعوام القليلة الماضية، حولت عصابة الحوثي الإيرانية وجماعة الإخوان المسلمين الجامعات اليمنية إلى مراكز لبيع الدرجات العلمية العليا، لخدمة تلك الجماعات وأهدافها الخبيثة؛ ممّا أفقدها المصداقية، وأخرجها من المنظومة الدولية للتعليم العالي.

كما ظهرت خلال هذه الأعوام منافسة محمومة بين قيادات مكونات النكبة والانقلاب وبقية المكونات التي نشأت عقب حروب 2015 من أجل الحصول على عددٍ كبير من العناصر الحاملة للشهادات العلمية العليا، حتى وإن كانت لم تحصل على شهادات الابتدائي أو الثانوي، فقط من أجل المنافسة على سُلّم الوظائف العليا في كشوفات المرتبات والأجور لقطاع الوظائف الرسمية في الدولة، وتولي مناصب عليا والاستحواذ على مؤسسات الدولة، خاصة الإيراديّة منها.

وخلال الشهر الجاري، شهدت جامعة عدن من فضيحة في تطابق بحثين علميين قدّمهما باحثان لنيل درجة الماجستير، والتي انتهت بعقد مجلس جامعة عدن يوم 25 فبراير 2025، لمحاولة لملمة ما يمكن من شتات الفضيحة التي أقضّت مضجع أهمّ الجامعات اليمنية عراقة.

لذا اتخذ مجلس جامعة عدن قرارات عقابية كإلغاء منح درجة الماجستير لطالب، ومنعه من الدراسة مستقبلاً في جامعة عدن، بعد ثبوت التطابق الكامل بين رسالته ورسالة ماجستير أخرى في كليّة العلوم الإدارية، ومنع المشرف العلمي للبحثين من الإشراف ومناقشة الرسائل العلمية مستقبلاً، وإحالته للتحقيق، ومنع المناقش الخارجي من المشاركة مستقبلاً في لجان المناقشة والإشراف على الرسائل العلمية والترقيات في جامعة عدن، لتقصيره في أداء واجباته الأكاديمية.

وأدخلت تلك الفضيحة الجامعة في قائمة الجامعات التي تبيع وتشتري بالتعليم الأكاديمي، وفتحت باباً واسعاً أمام الباحثين عن الحقيقة وغيرها، لمعرفة عدد الدرجات العلمية التي مُنحت من الجامعة بمستوياتها المختلفة والأشخاص الذين تورطوا فيها، كما تبينت قائمة طويلة بأسماء مسؤولين وأبناء مسؤولين وقيادات نهبوا رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه من جامعة عدن، وجامعات يمنية أخرى، دون حصولهم على شهادات الثانوية والابتدائية أو الجامعية الـ “بكالوريوس”.

هجرة الأكاديميين والطلاب

وأدى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية إلى هجرة آلاف الأكاديميين والطلاب إلى الخارج، فالعديد من الأساتذة الجامعيين، الذين كانوا يعتبرون عماد النظام التعليمي، غادروا البلاد بحثاً عن فرص أفضل، مما ترك فراغًا كبيرًا في الكوادر التعليمية.

كما أن الطلاب الذين يتمكنون من إكمال دراستهم يواجهون صعوبات كبيرة في العثور على فرص عمل، مما يدفع الكثيرون إلى الهجرة أو الانخراط في أعمال غير مستقرة.

لذا يؤكد الخبراء أن تدمير التعليم الجامعي في اليمن سيكون له تداعيات طويلة الأمد على مستقبل البلاد. فبدون تعليم عالي جيد، ستكون اليمن عاجزة عن إعادة بناء اقتصادها ومؤسساتها بعد انتهاء الصراع. كما أن غياب الكوادر المؤهلة سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

نداءات دولية

وتدعو منظمات دولية، بما في ذلك اليونسكو ومنظمة العفو الدولية، إلى وقف التدخلات السياسية في التعليم اليمني وإعادة بناء المؤسسات التعليمية.
كما تطالب هذه المنظمات بتوفير دعم مالي وفني لضمان استمرار العملية التعليمية في ظل الظروف الصعبة.

وفي الوقت الذي تستمر فيه الحرب في اليمن، يبقى التعليم الجامعي أحد أكثر القطاعات تضرراً، حيث إن استعادة هذا القطاع الحيوي يتطلب جهوداً محلية ودولية مشتركة لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وبدون ذلك، ستظل اليمن عالقة في دوامة من الفقر والصراع وعدم الاستقرار.

يذكر أن اليمن يشهد صراعاً دامياً منذ عام 2014، عندما سيطرت مليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء؛ مما أدى إلى تدخل تحالف عربي بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية، وقد خلف الصراع آلاف القتلى والمشردين، بالإضافة إلى تدمير كبير في البنية التحتية للبلاد.