في ظل التصعيد المستمر بين طهران وواشنطن، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي رفضه القاطع لأي تفاوض مع الولايات المتحدة، مؤكدًا أنه “لا تأثير له في حل مشاكل البلاد”.
هذه التصريحات جاءت خلال لقائه مع قادة القوات الجوية والدفاع الجوي للجيش الإيراني، في خطوة تعكس موقف طهران المتشدد تجاه أي مفاوضات جديدة مع واشنطن، خاصة بعد إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران، والتي تشمل تضييق الخناق على صادرات النفط الإيراني.
لماذا ترفض طهران الحوار مع واشنطن؟
تاريخيًا، لم تكن العلاقات بين إيران والولايات المتحدة مستقرة، بل شهدت توترات متصاعدة، خاصة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
وقد شدد خامنئي في خطابه على أن “إيران تفاوضت سابقًا مع أميركا في التسعينيات، وتم التوصل إلى اتفاق، لكن واشنطن لم تلتزم به”.
ورغم أن بعض الأصوات داخل إيران أشارت إلى إمكانية التفاوض مع واشنطن، إلا أن موقف المرشد الإيراني جاء حاسمًا في رفض هذه الفكرة، واصفًا التفاوض مع إدارة ترامب بأنه “غير حكيم، وغير ذكي، وغير شريف”.
التصعيد الأميركي الأخير لم يأتِ فقط في سياق الضغط على طهران، بل أيضًا في ظل تصاعد التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
فقد وقع ترامب تعليمات “شديدة الصرامة” لاستئناف سياسة الضغط الأقصى، مع التأكيد على ضرورة تصفير صادرات النفط الإيرانية.
وجاءت هذه الخطوة بعد لقاء جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أكد أن “إيران لا ينبغي أن تتمكن من بيع النفط للدول الأخرى”.
في المقابل، أشار مسؤول إيراني، في تصريحات لوكالة “رويترز”، أن “طهران ترغب في إعطاء ترامب فرصة جديدة، ولكنها حذرة من تعقيدات إسرائيل”.
وأضاف أن أي مفاوضات مع واشنطن يجب أن تتضمن ضمانات واضحة بتقييد التحركات الإسرائيلية ضد إيران، وهو شرط يبدو بعيد المنال في ظل التقارب الأميركي الإسرائيلي الحالي.
ما خيارات إيران في مواجهة التصعيد؟
في ظل هذا المشهد المعقد، تملك إيران عدة خيارات استراتيجية لمواجهة الضغوط الأميركية، من بينها تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، حيث تحاول إيران الالتفاف على العقوبات الأميركية من خلال تعميق تحالفاتها مع روسيا والصين، لا سيما عبر اتفاقيات اقتصادية وعسكرية طويلة الأمد، إضافة إلى تعزيز صادراتها النفطية إلى هذه الدول بعيدًا عن العقوبات الغربية.
كذلك تصعيد الأنشطة النووي وقد تلجأ طهران إلى تسريع تخصيب اليورانيوم كوسيلة للضغط على واشنطن وأوروبا لإجبارهم على تقديم تنازلات، خاصة في ظل غياب أي اتفاق جديد يعيد ضبط برنامجها النووي.
اللجوء إلى التصعيد العسكري غير المباشر
تمتلك إيران شبكة من الحلفاء الإقليميين، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والمليشيات العراقية، والتي يمكن استخدامها في شن هجمات غير مباشرة على المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، في محاولة لرفع تكلفة الضغط على طهران.
هل تتجه واشنطن وطهران إلى مواجهة مباشرة؟
على الرغم من التصعيد المستمر، لا يبدو أن الطرفين يسعيان إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، فمن ناحية، تدرك إيران أن الدخول في صدام مباشر مع الولايات المتحدة قد يكون مكلفًا للغاية، في ظل تفوق واشنطن عسكريًا واقتصاديًا.
ومن ناحية أخرى، لا يريد ترامب إشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط، خاصة مع في بداية ولايته ووعوده الانتخابية، حيث يسعى للظهور كرئيس قادر على تأمين مصالح بلاده دون الانجرار إلى نزاعات مكلفة.